مهارات وقدرات

تعاون بين البحرية ومعهد Goethe الألماني
إعداد: ندين البلعة خيرالله

يسبق التدريبات الاختصاصية في كليات ألمانيا
تابع عدد من عسكريي القوات البحرية اللبنانية تدريبات متخصّصة في ألمانيا لكنهم قبل ذلك تابعوا دورات في معهد غوته لتعلّم اللغة الألمانية، أعقبها أخرى أكثر تقدّمًا في ألمانيا. طليعة المتخرّجين عادت إلى لبنان بعد ثلاث سنوات من التدريب، حاملة العديد من المهارات التي سوف يتمّ تعميمها على الرفاق.


تعاون متبادل ومستمرّ
ينوّه قائد القوات البحرية اللبنانية العميد الركن البحري نزيه الجبيلي بالتعاون الكبير القائم بين البحريّتَين اللبنانية والألمانية في مختلف المجالات التقنية واللوجستية والتدريبيّة. وإذ يتحدّث عن التسهيلات التي قدّمها معهد Goethe للّغة الألمانية لتدريب التلامذة الضباط وتأهيلهم للسفر إلى ألمانيا ومتابعة اختصاصهم البحري هناك، يشير إلى دورة جديدة في المعهد يتابعها رتيب من البحرية اللبنانية ليصبح بدوره مؤهّلاً لتعليم هذه اللغة. إدخال اللغة الألمانية إلى صفوف عسكريي القوات البحرية اللبنانية، تقتضيه ضرورتان: قراءة كتب التعليمات المرفقة بالعتاد الذي يُقدَّم كهبة من الدولة الألمانية، وتسهيل التواصل مع ضــباط البحرية الألمانية الموجودين في عداد قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنــان.

 

معهد «Goethe»
يعمل معهد غوته «Goethe» ذو الانتشار العالمي، على تعزيز معرفة اللغة الألمانية في الخارج وعلى تعزيز التعاون الثقافي الدولي، بالإضافة إلى نقل صورة شاملة عن ألمانيا من خلال التعريف بالحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية فيها. ويمارس هذا المعهد سياسة ثقافية وتعليميّة في الخارج من خلال المعاهد والمراكز والجمعيات الثقافية وقاعات المطالعة، وبالتعاون مع مراكز تعلّم اللغة والهيئات الثقافية العامة والخاصة، والمقاطعات الألمانية والبلديات وقطاع الشركات.
في لبنان، ينظّم المعهد مجموعة واسعة من الأنشطة الثقافية الألمانية بالإضافة إلى تعزيز التبادل الثقافي الدولي، بحيث يركّز على ورشات العمل والحلقات التدريبيّة لمدرّسي اللغة الألمانية، إلى جانب برنامج الامتحان الشامل.

 

مع البحرية اللبنانية
تشرح السيّدة Sabine Haupt رئيسة قسم اللغة في المعهد، أنّ المعهد توصّل منذ ثلاث سنوات مضت إلى اتفاقية مع البحرية اللبنانية لتدريب تلامذة ضباط على اللغة الألمانية لمدّة ستّة أشهر، يتعلّمون خلالها أسس اللغة ما يمكّنهم من فهمها حتى يستطيعوا التأقلم مع المجتمع الألماني حين يسافرون لمتابعة دروسهم مع البحرية الألمانية.
عند إنهاء المستوى الأول باللغة الألمانية في لبنان، يسافر التلامذة إلى ألمانيا فيتابعون المستوى المتقدّم في اللغة لمدّة ستّة أشهر أخرى، ثم ينتقلون إلى المدرسة البحرية لمدّة 11 شهرًا، ويمارسون من بعدها التدريبات التطبيقيّة لمدّة 19 شهرًا في الكليات البحرية الثلاث المتخصّصة: التقنية (Technical)، العمليات (Operations)، ومعالجة الأعطال (Damage control).
ويشير المقدّم Mathias Elvert (من البحرية الألمانية) إلى أنّ هذه الدورات توطّد التعاون بين الجيشَين قائلاً:» نحن كبحرية ألمانية نشكّل جزءًا من قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (Unifil)، وأحد أهم أهدافنا هو دعم الجيش اللبناني في أداء مهمّاته وبسط نفوذه على أراضيه ومياهه الإقليميّة. ونحن في عملٍ متواصل مع البحرية اللبنانية من خلال الدورات التدريبيّة التي نتبادل من خلالها الخبرات، وغيرها من أساليب الدعم المختلفة، وذلك بالتزام وصدق في التعامل.

 

أسس النجاح
مع تخرّج أول دفعةٍ من طلاب البحرية اللبنانية في هذا العام بعد ثلاث سنوات من التدريب في ألمانيا، تشعر السيّدة Haupt بالفخر لنجاح معظم التلامذة في المعهد، مذكّرةً بأنّ النجاح في اللغة لا يرتكز على القراءة والكتابة فحسب، بل على عنصرَين إضافيَّين هما الإصغاء والتحدّث، فالمعهد يشدّد على ضرورة تحدّث الطالب بالألمانية في 50% من وقت التعلّم.
كما تنوّه السيّدة Haupt بجهود الضباط اللبنانيين الذين كانوا يلتزمون الصفوف الألمانية في المعهد على الرغم من متابعة مهمّاتهم ودروسهم العسكرية الأخرى، فقد كانوا على درجةٍ عالية من الالتزام والتحفيز.

 

خبرات
يقول المؤهل أول البحري إيلي الصيّاح (aspirant) «بعد نجاحنا في المرحلة الأولى (في معهد Goethe) وتوجّهنا إلى ألمانيا لمتابعة الدروس، اكتشفنا أننا تعلّمنا بشكل ممتاز ودقيق في المعهد في لبنان لأننا كنا من بين أفضل 25 تلميذ ضابط من مختلف بلدان العالم، والأساتذة نوّهوا بذلك.»
ويضيف:» ليس من السهل إتقان الألمانية إلاّ بمساعدة الأساتذة الذين قدّموا لنا الدعم اللازم للتوصّل إلى أفضل النتائج. أمّا الدروس البحرية فقد كانت على مستوى عالٍ من المهنية والإحتراف وقد تزوّدنا الأسس والخبرات التي تخوّلنا ممارسة مهمّاتنا بمهنية ودقة ونجاح.»
بدوره يشير المؤهل أول البحري محمد عباس إلى «أن اللغة الألمانية صعبة وبخاصة قواعدها، وقد كانت الصعوبة في البداية في كيفية التحاور بالألمانية. ولكن بعد توجّهنا إلى ألمانيا واختلاطنا مع تلامذة ألمانيين في المدرسة البحرية، تخطّينا هذه الصعوبات وبدأنا نتقن اللغة بشكل أفضل، الأمر الذي ساعد في سرعة تعلّم المصطلحات البحرية العسكرية.»

 

تدريب المدرّب
في مجال آخر، يتابع الرقيب محمد قبلان دورة في معهد غوته لصقل مهاراته اللغوية الألمانية. فقد عاش في ألمانيا لمدّة 7 سنوات وهو يستعدّ الآن للحصول على شهادة أستاذ باللغة الألمانية ليتولّى تعليم التلامذة الضباط والرتباء.
وتختتم السيّدة Haupt والمقدّم Elvert بالتنويه بهذا التعاون الوثيق وأهميته في نقل الثقافة الألمانية والصورة الحقيقية عن المجتمع الألماني، آملين بمزيد من التعاون وتبادل الخبرات والثقافات بين الجيشَين والشعبَين.
أمّا المتخرّجون فقد شكروا المعهد الذي أتاح لهم النجاح وبالتالي نقل خبراتهم هذه إلى العسكريين والبحرية اللبنانية.