أجهزة القيادة

جهاز المراسم: البروتوكول أكثر من تعليمات...
إعداد: ندين البلعة خيرالله

أحد الوجوه الحضارية للجيش

لمراعاة أصول البروتوكول في المناسبات والاحتفالات الرسمية خصوصًا، دور كبير في تعزيز العلاقات بين الدول والمؤسسات وحتى الأفراد. وعلى العكس من ذلك فإنّ أي خطأ بروتوكولي قد تكون له انعكاسات خطيرة.


أحد أبرز الوجوه الحضارية للجيش
مراعاة أصول التصرّف التي تنبع من التقاليد العسكرية ويحدّدها البروتوكول بدقّة، تشكّل محور المهمّات التي يتولّاها جهاز المراسم في الجيش. وبذلك، يضطلع هذا الجهاز بدور أساسي في ما يتعلّق بالحفاظ على هيبة المؤسسة العسكرية ووقارها، خلال المناسبات الوطنية والعسكرية على السواء.
يتميّز جهاز المراسم في الجيش اللبناني بمستوى عالٍ من الحرفية، وهذا ما يظهر بوضوح في المناسبات التي يتولّى تنظيمها، وهو بذلك أحد أبرز الوجوه الحضارية للجيش. للتعرّف أكثر على هذا الجهاز ومهمّاته، زرنا رئيسه العميد الركن خليل يحيى الذي استقبلنا في مكتبه بلياقة البروتوكول، وبابتسامة المرحّب بضيوفه...

 

مهمّات جهاز المراسم
قبل التحدّث عن الأقسام الأربعة التابعة للجهاز والتي تعاون رئيسه، يوضح العميد الركن يحيى أنّ مهمّات جهاز المراسم تشمل استقبال الشخصيات في المناسبات الكبرى، وتحديد مكان كل منها وفق حقّ التصدّر، فضلاً عن استقبال الشخصيات والوفود التي تزور قائد الجيش، وتعيين ممثلين له، وإرسال الدعوات إلى الاحتفالات العسكرية، وتحديد مواصفات الأعلام والرايات والألبسة العسكرية والشارات، لكن هذا ليس كل شيء...

 

رئاسة الجهاز
نسأل العميد الركن يحيى أولاً عن المهمّات التي تقع على عاتق رئاسة الجهاز، فيختصرها بالآتي:

  • التخطيط لكل مستلزمات الجهاز المتعلّقة بشؤون المراسم والعمل على تحقيقها.
  • معالجة الشؤون المتعلقة بالمراسم وفق القوانين المرعية الإجراء.
  • معالجة الأمور المتعلقة بالبروتوكول وحق التصدّر.
  • إدارة عديد الجهاز وتوزيع العمل على الأقسام.
  • اقتراح تعيين ممثل قائد الجيش في المناسبات التي تتطلب ذلك.
  • التنسيق مع كل الجهات المعنية لتأمين حسن تنفيذ أي مهمّة (موسيقى، توقيت، لباس، استقبال...).
  • تحريك عناصر الموسيقى وسرية التشريفات الخاصة بالقيادة (المؤلفة من فصيلة من الشرطة العسكرية، وفصيلة من القوات البحرية، وفصيلة من القوات الجويّة) إلى المكان المحدّد لكل منهما في أي مناسبة.
  • مرافقة رئيس الجهاز لقائد الجيش في المناسبات الرسمية والشعبية غير العسكرية.
     

الأقسام
يتألف جهاز المراسم في الجيش من أربعة أقسام تعاون رئاسته في تنفيذ المهمّات، هي: قسم الوفود والاحتفالات العامة، قسم المناسبات الخاصة بالعسكريين، قسم الأعلام والألبسة، وقسم الإدارة والخدمات.
لكل من هذه الأقسام مهمّات محدّدة، وفق الآتي:
 

• قسم الوفود والاحتفالات العامة:
يُعنى هذا القسم باستدراك اللقاءات والاتصالات المتعلّقة بتنفيذ مهمّاته وبتنفيذها. وهو يتولّى دعوة العسكريين إلى حضور الاحتفالات والاجتماعات والمهرجانات والندوات والمؤتمرات وغيرها، كما يعالج كل ما يتعلّق باحتفالات ذكرى الاستقلال وعيد الجيش والنشاطات المتعلّقة بها.
في هذا العام على سبيل المثال، نظّم الجهاز جلوس أكثر من 2000 شخصية في عيد الاستقلال، بين سفير ووزير ونائب ومدير عام ورئيس طائفة ومحافظ... وقد حدّد لكل مكانه وفق التعليمات والمرسوم الصادر عن رئاسة الجمهورية.
تنظيم مناسبات كهذه لا يخلو من الصعوبات التي يسبّبها أحيانًا عدم معرفة بعض المدعوّين بالأصول، لكن حسن التصرف واللياقة ينقذان الموقف.
إلى ذلك، يعالج هذا القسم الأمور المتعلّقة بزيارات الوفود العربية والأجنبية لقيادة الجيش، عسكرية كانت أم مدنية، ويهتمّ بها ويواكبها خلال إقامتها في لبنان. ويهتمّ بمراسم التكريم للوفود والسلطات العسكرية والمدنية اللبنانية. ومن مهمّاته أيضًا، معالجة الإفادات والتقارير الناتجة عن كل المناسبات وإجراء التقويم اللازم، والاهتمام بالأمور المتعلّقة بتكريم العسكريين الأجانب الذين يستشهدون أو يتوفون على الأراضي اللبنانية (اليونيفيل).
كما يؤمّن هذا القسم الهدايا والتقديمات، من باقات زهر وأكاليل وغيرها، بحسب كل مناسبة، ويصدر المذكرات بشأن الأعياد والعطلات الرسمية بالتنسيق مع المرجع المختصّ في رئاسة مجلس الوزراء.
 

• قسم المناسبات الخاصة بالعسكريين:
يعالج هذا القسم كل ما يتعلّق بالاجتماعات الدورية للعماد قائد الجيش، وبطلبات مواجهة القائد، وبالاحتفالات العسكرية الرسمية المختلفة، وأبرزها: تسليم وتسلّم قيادات بالأصالة، اختتام دورات تدريبية، تخريج ضباط وعسكريين ومجندين، تقليد شارات وتكريم عسكريين.
ومن مهمّاته أيضًا: الاهتمام بالمأذونيات والإجازات خارج البلاد مع ما تقتضيه من معاملات إدارية لازمة، وتنسيق زيارات المراكز العسكرية من قبل وفود القيادة، كما تشمل مهمّاته الحفلات في النوادي العسكرية والأماكن العامة، والحفاظ على مظاهر التوقير والاحترام في مختلف المناسبات، فضلاً عن الإجراءات الخاصة بالوفاة (النعي، ومراسم التكريم وفق التعليمات النافذة).
 

• قسم الأعلام والألبسة:
يحدّد هذا القسم مواصفات الأعلام والرايات ويقوم بدراسة أي تعديل قد يُقترح لتغييرها، كما يحدّد مواصفات الشارات والألبسة العسكرية، وذلك استنادًا إلى التعليمات العسكرية المحدّدة المتعلّقة بها. وفي هذا الإطار، يُذكر أنّ الجهاز أصدر كتيّبًا يتضمّن الأعلام والرايات والألبسة والشارات التي اعتُمدت حديثًا، وقد تمّ تعميمه على جميع القطع العسكرية.
كذلك، يحدّد هذا القسم اللباس الذي ينبغي على العسكريين اعتماده في المناسبات المختلفة. علمًا أنّ الاجتهاد في هذا الموضوع ممكن، وهو يراعي ما تقتضيه المناسبة.
ويقترح هذا القسم المناسبات لتقليد الأوسمة، ويمنح التراخيص لصنع الألبسة والشارات العسكرية.
 

• قسم الإدارة والخدمات:
أبرز مهمّات قسم الإدارة والخدمات تحضير الموازنة السنوية لجهاز المراسم، وتصفية السلفات الطارئة والاعتمادات المخصّصة له وإدارتها، ومعالجة الشؤون الإدارية المتعلّقة بعديده. وهو أيضًا مسؤول عن خزن معدات التشريفات (أعلام، هدايا، سجاد، كراسٍ...) وإدارتها، فضلاً عن إدارة الآليات المخصّصة للجهاز وتحريكها.

 

اللياقة وحسن التصرّف
• ما هي المواصفات التي يجب أن يمتلكها عناصر جهاز المراسم؟

يوضّح العميد الركن يحيى أنّ العمل في مجال البروتوكول يتطلّب الكثير من التمرّس والخبرة، فبالإضافة إلى التعليمات المحدّدة، على العاملين في جهاز المراسم أن يتحلّوا باللياقة واللباقة في التعامل مع الوضعيات والمواقف. المعرفة بالأصول قد لا تكون كافية في أحيانٍ كثيرة لمعالجة إشكالٍ بروتوكولي، لذلك يتمّ التركيز على حسن التصرّف وامتلاك مهارات التفاوض لدى عسكريينا، إضافة إلى إجادة أكثر من لغة والتحلّي بالمظهر اللائق. ويضيف: عملنا دقيق ولا مجال للخطأ فيه. وفي المناسبات الكبرى نطلب من قادة القطع إرسال اقتراحات بأسماء الضباط الذين تتوافر لديهم المواصفات التي يقتضيها تنفيذ المهمّة. ما من اختصاص في المراسم، ولكن عسكريّينا يحضرون ندوات ومؤتمرات وورش عمل ودروسًا مقتضبة في مجال البروتوكول، علمًا أننا في تنسيق دائم مع بروتوكول القصر الجمهوري ورئاسة الحكومة.

• وكيف تتمّ آلية العمل في التحضير لإحدى المناسبات الكبرى كعيد الاستقلال مثلاً؟
يُعقَد اجتماع عمل برئاسة رئيس الأركان، ويتمّ خلاله تحديد آلية العمل وإصدار مذكرة تحدّد الأجهزة المعنية بالتحضير للمناسبة ومهمة كلّ منها. وفور صدور هذه المذكرة، يباشر كل جهاز تنفيذ عمله. أمّا مهمّة جهاز المراسم فتتمثّل بما يلي: تحضير الدعوات وتوزيعها وتأكيد الحضور، تنظيم المنصّة إسميًا وفق حق التصدّر، استقبال الشخصيات ومرافقتهم إلى أماكنهم، التنسيق بين قائد العرض وموسيقى الجيش واستقبال الحضور...
ويختتم العميد الركن خليل يحيى حديثه مؤكّدًا أنّ جهاز المراسم الذي لا يعرف صلاحياته ودقّة عمله ومسؤولياته الكثيرون، هو أحد أجهزة قيادة الجيش التي تؤدّي مهمّات دقيقة وفائقة الأهمية، تتصل بشكلٍ مباشر بهيبة الجيش ووقاره وصورته في المجتمع. وهذه الصورة لا تكفي القوانين والتعليمات لرسمها، وإنما لمن يطبقها أيضًا، دور كبير في ذلك.