قواعد التغذية

حين نشعر بالعطش... المياه أفضل ما يروي
إعداد: ليال صقر الفحل

مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، يحتاج الإنسان للتعويض عن كميات المياه التي يفقدها جسمه. البعض يطفئ عطشه باستهلاك المشروبات الغازية، وأنواع العصير المختلفة والمثلجات... لكن اختصاصية التغذية ريتا الخوري تؤكّد أنّ الماء هو أفضل ما يروي «العطشان»... لماذا؟ التفاصيل في ما يأتي.


فوائد الماء
يخسر جسم الإنسان يوميًا حوالى ليترين إلى ثلاثة ليترات من المياه، وبالتالي فهو يحتاج الى كميّة موازية لتعويضها.
تشدد الخوري في هذا الخصوص على أهميـة اعتماد الماء أولاً وأخيرًا لري العطش.
فأهميته تكمن في تعدّد وظائفـه: تكوين خلايـا الجسم وأنسجـته، والمحافظة على تركيبة الدم والدورة الدمويّة، وتأدية دور الوسيط النّاقل الغـذاء من الجهاز الهضمي إلى الدم، مسهِّلاً بهذه الطريقة عملية الهضم والإمتصاص.
يفيد الماء أيضًا في تخليص الجسم من السموم الناتجة عن عملية التأكسد في الجهاز الهضمي، إذ يعمل على إذابة هذه السموم وإخراجها مع الصرف والبول...
كما يــؤدي الماء الـدور الأبـرز أيضًا في تلطيف حــرارة الجسم وتثبيتهــا، ويـؤمن الطاقة والحيوية والترطيب للمفاصل والبــشرة، ويسهــم في تنشيــط وظائــف الكــلى...

 

حاجة الجسم إلى الماء
تتفاوت نسبة حاجة الناس إلى الماء وفق أعمارهم وعوامل أخرى، بحيث يحتاج الراشدون إلى 35 ملل/كلغ من وزن الجسم يوميًا، ويحتاج الأطفال إلى كمية أكبر تراوح بين 50 و60ملل/كلغ، أمّا حاجة الرضّع فترتفع إلى 150ملل لكلّ كيلوغرام واحد من وزنهم (150ملل/كلغ).
ولتوضيح الصورة يمكننا احتساب الحاجة اليوميّة من الماء لسيدة تزن 60 كيلوغرامًا كالآتي: 60 كلغ x 35 ملل= 2100 ملل/باليوم، أو ما يعادل ثمانية أكواب.
أمّا بالنسبة إلى الرياضيين (الذين تساهم المياه في بناء عضلاتهم)، والنساء المرضعات والأشخاص الذين يعيشون في البلدان الحارة نسبيًا وأولئك الذين يعانون من مشاكل صحيّة محدّدة، فهم يحتاجون أكثر من غيرهم إلى شرب الماء وبشكل منتظم.
وتلفت الخوري في هذا الخصوص إلى أنّ الماء خالٍ من الوحدات الحراريّة، مشيرة إلى أنّه يمدّ الجسم، وإن بكميّات خفيفة، بأملاح لا غنى عنها (كالكلسيوم، الفليور، الماغنيزيوم، الصوديوم، البوتاسيوم) تساعد عمومًا في الحفاظ على بنية سليمة.
وتضيف أنه لا يمكن للبالغين أن يعيشوا أكثر من عشرة أيام من دون أن يشربوا الماء، كذلك لا يستطيع الأطفال الاستمرار بالعيش من دونه لفترة تتجاوز خمسة أيام، بينما يستطيع الإنسان الإمتناع عن تناول الطعام لمدة أسابيع. ذلك أنّ خسارة نسبة تساوي 20% من المياه في الجسم تقود إلى موت مؤكّد، بينما تؤدّي خسارة نسبة 10% منه إلى الجفاف ومشاكل أخرى متفاوتة الخطورة منها: العطش، فقدان الشهية، الغثيان، صعوبة التركيز، عدم التحكم بحرارة الجسم، صعوبة التنفّس، تشنّج العضلات، عدم إنتظام الدورة الدموية ومشاكل في وظائف الكلى...
وبالمقابل، إن استهلاك كمية تفوق الـ11 ليترًا يوميًا يؤدّي إلى التسمّم من المياه، وهي حالات نادرة نشهدها عند الأشخاص الذين يعانون اضطرابات نفسية تدفعهم إلى الشرب بكميات هائلة.

 

المشروبات البديلة
تحمل أنواع أخرى من الأغذية المياه في تكوينها، بحيث تحتوي الخضار والفاكهة على 85 إلى 90% من الماء، بالإضافة إلى الألياف والفيتامينات. وتشدّد الخوري في هذا الصدد على أنّ تناول الفاكهة كاملة صحيٌّ ومفيد أكثر من تناولها معصورة، فالعصير يحوي كميّة عالية من السكّر المركّز مقارنة مع الفاكهة الكاملة، كما أنّه لا يمنح الإحساس بالشبع الذي ينتج عن تناول الفواكه بسبب ما تحتويه من ألياف.
يختلف عدد الوحدات الحرارية الموجودة في كوب من العصير (250 ملل) باختلاف نوع الفاكهة، فكوب من عصير الكريب فروت يحتوي على 100 وحدة حرارية، بينما يحتوي كوب من عصير الليمون على 110 وحدات، وكوب من عصير العنب على 150 وحدة، وكوب من عصير الخوخ على 180 وحدة...
وتلفت الخوري هنا إلى ضرورة التنبّه عند شراء أنواع العصير الجاهز إلى كونه طبيعيًا وخاليًا من السكر الإضافي، كما تشير إلى أن المشروبات المشبعة بالسكر كالجلاب والتمر الهندي وقمر الدين، والتي ترافق عادة إفطارات رمضان، تساهم في زيادة العطش بدل أن تروي. وهي غنية بالوحدات الحرارية التي تصل إلى 300 وحدة في كوب التمر الهندي مثلاً.

 

بدائل «غير موفقة»
يعتبر البعض المشروبات الغازية بديلاً للماء لكن هذا البديل «غير موفق» أبدًا، فالعبوة الواحدة من هذه المشروبات تحتوي على ما بين 140 و150 وحدة حرارية، يأتي معظمها من السكر (10 ملاعق صغيرة تقريبًا في كل عبوة).
وتؤكد الخوري أنّ المشروبات الغازية لا تعود بأي منفعة، بل إنها على العكس من ذلك، تشكّل سببًا مباشرًا في هشاشة العظام (لاحتوائها نسبة مرتفعة من الأسيد والفوسفور)، بالإضافة إلى كونها تسبّب الحرقة ومشاكل الأسنان...
أما في ما يخصّ المشروبات الغازيّة القليلة الوحدات الحرارية (diet) فهي بدورها، مؤذية للأسنان والجهاز الهضمي، والدراسات ما تزال قائمة لإظهار تأثيرها السلبي على الصحة عمومًا.
المثلّجات ليست أفضل من سواها إذا اعتمدت كبديل للمياه. فهي إضافة إلى الكمية المرتفعة من السكر، تحتوي على الدهون المشبعة، وبالمقارنة مع منتجات الحليب الأخرى، لا تحتوي على نسبة عالية من الكالسيوم والفوسفور، بينما الحديد، والزنك والمغنيزيوم شبه معدومة فيها...
إنّ نصف كوب من المثلجات بنكهة الفانيليا (125ملل) يحتوي وفق الخوري على: 260 وحدة حرارية، 25 غ سكريّات، 10غ دهون (معظمها مشبعة)، 5غ بروتينات و155ملغ كوليسترول. ويحتوي نصف كوب من المثلجات الدايت على: 150 وحدة حرارية، 140غ سكريات، 10غ دهون، 2غ بروتينات و35 ملغ كوليسترول.

 

لا تنسوا زجاجة مياهكم الصغيرة أينما ذهبتم
في الختام تنصح إختصاصية التغذية ريتا الخوري بشرب المياه، في مختلف الأوقات، حتى من دون الشعور بالعطش، ففي ذلك ما يكفل سلامة الجسم ووظائفه الحيوية.