- En
- Fr
- عربي
كلمات
نُسب الى رئيس وزراء العدو أرييل شارون في حوار مع بعض صانعي السياسة في الولايات المتحدة الأميركية قوله: لماذا تُقدمون على حروب تقليدية تكبّدكم الخسائر؟ الأفضل أن تثيروا الفتن بين الشعوب فينشب الاقتتال الطائفي والعشائري ويتزعزع الاستقرار الأمني، بدلاً من أن يتفرج الآخرون عليكم وأنتم تواجهون المقاومة (التي يسميها إرهاباً). هذه دعوة صريحة الى إثارة الفتن في المنطقة العربية، واستغلال الأجواء الدولية المستحدثة ضد الإرهاب، وتوسيع رقعة الحرب في كل مكان. وهذه دعوة وقحة تلاقي تجاوباً من بعض الأوساط الدولية، من هنا ما حدث بالنسبة الى لبنان أخيراً من تحامل غريب ومحاولة للضرب بإسفين حاد على أسس الأمن والاستقرار والنهوض.
والصحيح أن التعديل الدستوري الذي جرى عندنا هو شأن داخلي لا يهدد الأمن الدولي ولا السلام في المنطقة، وأن إسراع مجلس الأمن الى الانعقاد واتخاذ ذريعة من ذلك لتمرير بنود تمس أمن لبنان وسلامته واستقراره أمر غريب فعلاً.
لقد أعلن لبنان أنه متفق مع الأمم المتحدة على انسحاب القوات السورية، لكنه يختلف معها في توقيت وشكل الإنسحاب. فهل من المنطقي طلب انسحاب القوات السورية بالشكل المطروح؟ هل يؤدي تنفيذ ذلك الى الانفراج في المنطقة، أم الى زعزعة الاستقرار وإحداث الفراغات الأمنية المفاجئة التي تستغلها القوى المعادية – وما أكثر تنوعها – من أجل تحقيق مآربها التخريبية؟ ثم هل إن القوات السورية قوات أجنبية أُنزلت بالطائرات ونُقلت بالسفن، أم هي قوات شقيقة من الامتداد العربي القريب؟ هل إن أمن لبنان منفصل عن أمن سوريا أم متلازم معه؟ هل إن القوات السورية دخلت لبنان عنوة أم بطلب من الحكومة الشرعية؟ هل يرعى وجود هذه القوات اتفاق واضح بين الدولتين أم ان وجودها اعتباطي؟ لم يكلف صانعو القرار أنفسهم عناء طرح هذه الأسئلة التي تنحصر خلاصة أجوبتها في أن القوات العربية السورية قوات شقيقة دخلت الى لبنان بطلب من الشرعية، ونفذت مهمات وطنية واجتماعية وأوقفت الحرب العبثية بين اللبنانيين، وأزالت خطوط التماس، وأعادت توحيد الأرض والشعب، وساعدت في بناء الجيش الذي ما إن بدأ يستعيد عافيته وقوته حتى بادرت الى تنفيذ عمليات إعادة الانتشار بناء للتنسيق الواضح بين القيادتين العسكريتين في البلدين الشقيقين.
لقد أغفل صائغو القرار التهديد الإسرائيلي الدائم لسيادة لبنان ووحدة أراضيه، واستمرار احتلال الجيش العدو لقسم من أراضي لبنان وأراضي سوريا رغم قرارات سابقة أصدرها مجلس الأمن ولم تأخذ طريقها الى التنفيذ.
كما أغفلوا العلاقات التاريخية والإتصال الجغرافي بين البلدين، والمصالح المشتركة، والمصير الواحد والمسار الواحد في عملية السلام، وجزّأوا المشكلة حتى وأخذوا قسماً من كل وراحوا يستنبطون الحلول العجائبية.
واغفلوا بالتالي أن هناك في لبنان دولة لها سيادة على أرضها، وحكومة منتخبة قائمة بموجب عملية ديموقراطية شهدها هؤلاء الصائغين، وهي التي تقرر ماذا تريد ان تفعل ضمن حدودها وفي إطار حقوقها المشروعة.
ولقد أغفلوا أن لبنان يعيش حالة استقرار مميزة في منطقة تلتهب بالمشاكل والحروب، فهل يريد البعض من قراراتهم وصولنا الى الفوضى؟
إن التمسك بالثوابت الوطنية علناً وجهاراً، وأمام أعين العالم، هو واجب وطني بدءاً من حماية المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي جسداً وفكراً وروحاً، الى العلاقات الأخوية المميزة مع سوريا ودور الجيش العربي السوري في الحفاظ على أمن واستقرار وسيادة ووحدة البلاد، الى التمسك بسيادة الدولة اللبنانية على قرارها من دون ترهيب من أحد، وأخيراً الإلتزام بالسلام الشامل والعادل كحل للنزاع مع العدو الإسرائيلي. على هذه الثوابت يُبنى الأمن والاستقرار، ويحصل النهوض الاقتصادي، وإذا اهتزت واحدة فإننا سائرون الى الفوضى. لكنّ ذلك لن يحصل طالما أنّ هناك شعباً واعياً ومتضامناً، وجيشاً مدركاً لمسؤولياته الوطنية ومستعداً للتضحية في سبيلها.