صحة ووقاية

درهم الوقاية من سرطان عنق الرحم.. بات مؤمنًا
إعداد: روجينا خليل الشختورة

«عتاد» جديد في الطبابة العسكرية
«عتاد» جديد في الطبابة العسكرية!؟... إنّه اللقاح الذي يتصدّى بفعالية عالية لفيروسات الـH.P.V المسبّبة لسرطان عنق الرحم، لكنّ ارتفاع كلفته يحول دون استفادة الكثيرات منه.
لمعرفة المزيد عن المرض وعن اللقاح، توجّهنا إلى قسم الطبّ النسائي في الطبابة العسكرية، حيث التقينا الطبيبين سلمى طرادية ونبيل ضو.


الداء والمسبّب
بدايةً، تشير الدكتورة طرادية إلى أنّ سرطان عنق الرحم هو مرض خبيث، ينتج عن تغيّرات غير طبيعية في خلايا عنق الرحم، التي تنمو وتتضاعف بشكل غير طبيعي، ما يؤدي إلى خلل نسيجي يسمّى «Cervical Intraepithelial Neoplasia». والسبب (بنسبة 90%) فيروسات H.P.V. Human Papilloma Virus أو ما يعرف بالورم الحليمي البشري من أنواع 16، 18، 32، و38، وهي أربعة من بين أكثر من مئة فيروس، تنتقل عن طريق العلاقة الجنسية، وتبقى غير نشطة لعدّة سنوات قبل أن تبدأ بالتأثير على خلايا عنق الرحم.

 

الكشف المبكر
يعتبر سرطان عنق الرحم من الأمراض النسائية التي يمكن للطب اكتشافها باكرًا، وذلك بواسطة فحص مخبري يعرف باسم اختبار عنق الرحم أو «المسحة المهبلية»، وهو جزء هام من الرعاية الصحية الروتينية التي يجب أن تتلقاها كلّ امرأة بعد أوّل اتصال جنسي لها، أقلّه مرّة كلّ 3 سنوات.
وتضيف الدكتورة طرادية، عند إجراء هذا الفحص المخبري، يتمّ اكتشاف التغيّرات غير الطبيعية في خلايا عنق الرحم والتي عادةً ما تستغرق عدّة سنوات لتتطوّر، وإذا تمّ اكتشافها في وقتٍ مبكر من العمر أمكن علاجها فورًا، ولكن في حال تأخّر الكشف عنها، قد تتحوّل إلى خلايا سرطانية تنتشر وتصل إلى الأعضاء المجاورة، وبالتالي فإنّ هذا الكشف الروتيني يعطي للمرأة حظًا وقائيًا، على عكس ما هي الحال عليه في باقي الأمراض السرطانية.

 

عوارض المرض
عندما تشعر المرأة بآلام غير معتادة خلال العلاقة الجنسية، أو تصاب بنزيف مهبلي بعدها، أو بنزيف غير متوقع (في غير موعد الدورة الشهرية)، أو حتى عندما تشاهد أي إفرازات غير مألوفة... فإنّ هذه العوارض يمكن أن تكون مرتبطة بإصابتها بفيروس الـ.H.P.V، ولكنّها ليست دائمًا كذلك. فكثير من أمراض النساء قد تسبّب مثل هذه الأعراض... في جميع الأحوال يجب

 

استشارة طبيب مختصّ.
أمّا العوامل التي تهيّىء المرأة للإصابة بعدوى هذا الفيروس، توضح الدكتورة طرادية، فهي تعدّد العلاقات الجنسية (لا سيّما مع أشخاص بدورهــم متعـدّدي العلاقات)، التدخيــن، وأي مــرض قــد يسبّــب ضعــف في جهــاز المناعــة.

 

التشخيص والعلاج
حسب الدكتور ضو، في حال تشخيص خلل نسيجي في عنق الرحم، يقوم الطبيب بوضع خطّة متابعة تبدأ بإعطاء علاج بالتحاميل النسائية لمدة 15 يوم، ومن ثمّ إعادة اختبار المسحة المهبليّة (بعد 6 أشهر)، إذا تبيّن وجود الخلل مجدّدًا، يطلب الطبيب القيام بتنظير مهبلي (لفحص الجزء الداخلي للمهبل وعنق الرحم) وأخذ خزعة لتحليلها... في حال كان الالتهاب في درجاته الأولى (عادةً في سنّ صغيرة) يكفي استئصال القطعة المصابة أو علاجها بالكيّ مع الاستئصال. أمّا في حال كان متطوّرًا ومنتشرًا، فيقتضي ذلك استئصال منطقة الرحم وعنقه بالكامل (عادةً ما يكون ذلك في سنّ متقدّم).

 

لقاح فيروس الـ .H.P.V
منذ حوالى العشر سنوات، تمّ تطوير لقاح جديد (Gardasil) يتيح الوقاية من الإصابة بفيروس الـ.H.P.V نوعي 6 و11 (المسببة للثآليل Condyloma في منطقتي المهبل وعنق الرحم) ونوعي 16 و18 (المسببة بشكل أساسي لسرطان عنق الرحم). وهذا اللقاح، يقول الدكتور ضو، ذو فعاليّة عالية في الوقاية من الإصابة بهذه الأنواع، ويجب أن يعطى للفتاة (من التاسعة وحتى الـ26 من عمرها) قبل الإصابة بالفيروس أي قبل أوّل اتصال جنسيّ لها. وهناك أيضًا لقاح آخر (Cervarix) لكنّه يغطي فقط نوعي .H.P.V 16 و18.
هذا اللقاح بنوعيه، ما زال اختياريًا وغير مدرج على جدول اللقاحات الإجبارية في وزارة الصحة اللبنانية، ولا يمكن لجميع الفئات الحصول عليه نظرًا الى سعره العالي نسبيًا، غير أنّه مؤمّنٌ منذ حوالى الـ4 سنوات في صيدليات الشراء في الطبابة العسكرية بسعر مقبول.
وتشير الملازم أول ندى الشوا، رئيسة قسم الطب النسائي في الطبابة العسكرية، إلى أنّ الإقبال على هذا اللقاح يزداد عامًا بعد عام مع زيادة الوعي لأهميّته الوقائيّة كونه اللقاح الوحيد حتى يومنا، الذي يقي بنسبة 90% من سرطان سببه فيروس.
إلى ذلك، يمكن لطبيب الأطفال كما للطبيب النسائي أن يعطي هذا اللقاح وفق 3 جرعات على مدى 6 أشهر: جرعة أولى، وجرعة ثانية بعد شهرين، وبعد 4 أشهر جرعة ثالثة وأخيرة.