وجوه

رحل كلاشنكوف... وبقي سلاحه
إعداد: أنطوان صعب

غيّب الموت المخترع الروسي ميخائيل كلاشنكوف الذي عرفه العالم من خلال سلاحه الذي عرف بإسمه. وقد توفي في مدينة «إيجيفسك» الروسية في 23 كانون الأول من العام الفائت بعد أن كان دخل العناية المركزة في 17 تشرين الثاني. فور إعلان الوفاة، قدّم الرئيس فلاديمير بوتين التعازي، فيما وصف رئيس الوزراء ديمتري ميدفيديف رحيله بأنه «فقدان هائل لا يمكن التعويض عنه بالنسبة لبلادنا كلّها».


من هو كلاشنكوف؟
ولد ميخائيل تيموفييتش كلاشنكوف في 10 تشرين الثاني 1919 من أسرة فقيرة تعمل في مجال الفلاحة وتضمّ إلى الأم والأب 18 ولدًا، وكان هو أحد الثمانية الذين بقوا منهم على قيد الحياة.
بدأ ميخائيل حياته المهنية كعامل فني في محطة القطارات في كازاخستان حيث تعلّم الكثير من فنون علم الميكانيك. وفي العام 1938 إنضمّ الى صفوف الجيش الروسي عاملًا كتقني لدبابة هجومية، وانطلاقًا من هذا الموقع أظهر مهاراته العالية في ميدان تصنيع الأسلحة، وذلك باختراعه في سنّ العشرين عامًا بعض التجهيزات التي لاقت استحسانًا كبيرًا عند الجنرال جوكوف، أحد أشهر الضباط في تاريخ الإتحاد السوفياتي.
مع إندلاع الحرب العالمية الثانية، شارك كلاشنكوف في معركة «بريانسك» ضد الإلمان في العام 1941، وجرح في خلالها ونقل إلى أحد المستشفيات الروسية لتلقّي العلاج. ووصف ميخائيل تلك الفترة الصعبة من حياته قائلًا: « هناك (قاصدًا تلك المستشفى)، وعلى الرغم من الآلام التي كنت أعانيها بسبب جروحي، كانت هناك فكرة وحيدة تسيطر على ذهني طوال الوقت، وهي كيف يمكن اختراع سلاح يسمح بقهر الفاشيين». هذه الفكرة أثمرت بعد خمس سنوات، إذ توصّل كلاشنكوف إلى اختراع البندقية الرشاشة الهجومية  AK-47  التي حملت اسمه.
على الرغم من أن كلاشنكوف لم يكمل تعليمه، لكنه أصبح مخترعًا عظيمًا، وفي العام 1949، حين كان برتبة عريف  نال «جائزة ستالين» التي وفّرت له مبلغ مئة وخمسين ألف روبل، ما خوّله لاحقًا التفرّغ لتحسين تقنيات سلاحه والتفكير بنماذج شبيهة له.
في العام 1950 بات كلاشنكوف عضوًا في « مجلس السوفيات الأعلى»، مما جعله قريبًا من ستالين. وكان لافتًا قوله أثناء تواجده في المجلس الذي بقي فيه حتى حلّه في العام 1988 : «باستثناء زملائي في المصنع، لم أكن أعرف أحدًا ولم يكن أحد يعرفني، وعندما تم الإعلان عن تعييني كمرشّح للنيابة، صعقت». وكان معه آنذاك في المجلس شخصيات روسية بارزة في عدة مجالات، كالشاعر رسول حمزاتوف، ورائد الفضاء يوري غاغارين، والكاتب ميخائيل شولوخوف، والطبيب سفياتوسلاف فيودوروف.
 
الجندي المجهول
 حرص الإتحاد السوفياتي لعدة سنوات على إخفاء هوية كلاشنكوف، على أساس أن ذلك يندرج في سياق السرّ العسكري. وعند مغادرته البلاد برفقة زوجته لأول مرة في العام 1970 متوجهًا إلى بلغاريا، تلقى أمرًا بالمرور على مقر «جهاز الإستخبارات السوفياتية» المعروف بالـ«كي جي بي». كانت التعليمات واضحة بإخفاء هويته أمام السلطات البلغارية، لاسيما وأن المجموعة السياحية التي كان فيها، كانت ستزور مدينة كازانليك التي يوجد فيها مصنع لرشاشات الكلاشنكوف، وبالتالي كان ينبغي ألا يعرف أحد من المجموعة السياحية بهويته العسكرية.

 

معارض... من داخل السلطة
على الرغم من إنتخابه 6 مرّات في «مجلس السوفيات الأعلى»، إلا أنه لم يتمكن من تأدية دوره ضمن الحزب الشيوعي، ولم يؤيّد أبدًا السياسة التي كان ينتهجها ميخائيل غورباتشوف منذ توليه السلطة في العام 1985، والتي أدّت الى انهيار الإتحاد.

 

مخترع فقير
مع أن السلاح الذي ابتكره ميخائيل كلاشنكوف إكتسب شهرة واسعة، فأنه لم يتلق أي مبلغ من إنتاج هذا السلاح، كما أنه لم يحصل على براءة اختراع له. ومنذ العام 1994، كان ميخائيل كلاشنكوف يعيش ويعمل في إحدى القرى الواقعة شرقي روسيا. وكان يملك 30% من شركة إلمانية يديرها حفيده إيغور، وتقوم هذه الشركة بتعديل العلامات التجارية وإنتاج بضائع تحمل إسم «كلاشنكوف» مثل الفودكا والمظلّات والسكاكين.