مواهب ورعاية

رشيد وكريم نبها في عالم الرياضة
إعداد: الرقيب أول كرستينا عباس

خطا الخطوة الأولى في رياضة الـ«كيوكوشينكاي» kyokushinkai في عمر الخامسة. اليوم، وبعد خمسة عشر عامًا على الخطوة الأولى، بات رياضيًا متألقًا، يتابع تخطّي الصعوبات مصرًا على بلوغ مستويات أعلى من النجاح وتطوير الذات.
إلى جانبه، شقيقه ابن السادسة عشر عامًا الذي بدأ يشق طريقه في لعبة الـ«مواي تاي» Muay Thai منذ سنة ونصف، إنّهما رشيد وكريم نبها ابنَا العميد الركن عماد نبها.

بدأت حكاية رشيد عندما لاحظت معلمته في المدرسة أنّه يمتلك طاقة كبيرة، ولد يضج بالحيوية يقفز من مكان لآخر بطريقةٍ ملفتة من دون تعب، فاقترحت على أمه أن توجهه إلى ممارسة لعبة رياضية، فسجّلته في لعبة الـ«كيوكوشينكاي»، التي أحبها ومارسها بشغفٍ. يُشير اسم اللعبة إلى ما معناه «الحقيقة المطلقة»، ويقضي قانونها الأساسي بعدم ارتداء اللاعب أي نوع من الحماية ضد اللكمات، ما يرجّح تعرّضه للإصابة. هذا الأمر كان يخيف الوالدة، لكنّها استطاعت التغلّب عليه، فلا نجاح من دون ثمن.
المواظبة قاعدة أساسية للنجاح، لذلك تعوّد رشيد أن يلتزم مواعيد التدريب من دون أي تأخير، وهو اليوم طالب جامعي.

 

قصة النجاح
في شهر أيار المنصرم، أُقيمت في جونيه بطولة «العرب المفتوحة للأساليب القتالية كافة» حيث تبارى رشيد ضمن فئة وزنه ضد بطل عراقي عمره ٢٧ سنة أي أكبر منه بسنوات. أنهى القتال بالضربة القاضية كما تقتضي اللعبة وفاز محتلًا المركز الأول في المنافسة. «لم تكن هذه البطولة الأولى التي أشارك فيها، وهذا ساعدني في التغلّب على توتر مواجهة الجمهور الكبير والمتنافسين المحترفين من عدة دول» يقول رشيد.
ساعدت الرياضة رشيد كثيرًا على التوصل إلى الانضباط وتحمّل المسؤولية باكرًا، ومنحته ثقة عالية بالنفس تمنعه من السقوط في فخ التشبّه بالآخرين من أبناء جيله، خصوصًا الذين انقادوا وراء لذّاتٍ ضارة وآفات خطيرة تفتك بهم (مثل المخدرات والإدمان على الكحول وغيرها). يقول: «أصبحت الرياضة مثل درع لي ضد أي نوع من الأخطار.

 

أهمية القرار في المرحلة الحرجة
تشهد مرحلة المراهقة تحولات كثيرة، وخلالها فكّر رشيد في التوقف عن ممارسة الـ«كيوكوشينكاي». الصراع بين الرغبة بالمتابعة والرغبة بتجارب جديدة حُسم لمصلحة الخيار الأول، نتيجة نقاشات مطوّلة مع مدرّبه الأستاذ محمد الحركة الذي يعدّه مثَله الأعلى في اللعبة، وهكذا استمرت المسيرة.
خاض رشيد في العام الماضي امتحانات الحزام الأسود للعبة، واكتسبه بـ٢ دان (يشبه الدان الترقية في الرتب العسكرية، وهو عبارة عن شريط ذهبي يُضاف إلى الحزام الأسود العادي الذي يعدّ ١ دان). ونظرًا لصعوبتها، تُعد هذه الامتحانات أهم من البطولات، والنجاح فيها يتطلب خوض٣٠ جولة قتالية متواصلة يجب أن يصمد اللاعب ليبلغ الأخيرة منها.

 

حكاية أخرى
لشقيق رشيد كريم، حكاية أخرى مع عالم الرياضة. جرّب «الـكيوكوشينكاي» وهو صغير، لكنّه لم يجد نفسه مرتاحًا في هذه اللعبة كما يقول. جرّب رياضات أخرى من دون أن تستهويه أي منها، فتوقف عن ممارسة الرياضة إلى أن بلغ الـ١٤ من عمره واتجه إلى ممارسة الـ Boxing، وبعدها إلى الـ«مواي تاي» التي يمارسها منذ سنة ونصف، وينوي متابعة مسيرته فيها.
في بطولة «العرب المفتوحة للأساليب القتالية كافة» التي شارك فيها كريم أيضًا، احتل المركز الثالث في اللعبة.
يشعر كريم بأنّه اكتسب الكثير من ممارسة الرياضة. فإضافة إلى فوزه بمراتب متقدمة في بطولات كبيرة، بات يمتلك ثقة كبيرة بالنفس، تغمره السعادة، يزداد احترامه لذاته، والأهم أنّ نظرته للحياة أصبحت إيجابية أكثر.
يرى مدرّب رشيد وكريم أنّ السعادة التي يشعر بها الرياضي لا تقتصر على لحظات الفوز الآنية، لأنّها تستمر معه مدى الحياة وتجعله يتعطّش دائمًا لما هو أبعد وأفضل.
من جهته، يرى رشيد أنّ الرياضة من أساسيات الحياة مهما كان نوع اللعبة، وهو يوجّه رسالة إلى أبناء جيله مفادها أنّ «قلة الوقت ليست عذرًا، فحين تحبون أمرًا تجدون له وقتًا».
الأهل هم خير قدوة لأولادهم، وفي حالة رشيد وكريم يظهر بوضوحٍ دور الأب الرياضي ودور الأم الراعية في توجيه طاقات الشابَين وتحفيزها وصولًا إلى النجاح. «أنا فخورة بولدَيّ» تقول السيدة سوسن، وتضيف: «أتمنى أن يشجع جميع الأهل أولادهم على ممارسة الرياضة، وأن يكون أولادهم مدعاة فخر لهم».