سلاحنا الآخر

سلاحنا الآخر
إعداد: العميد الركن صالح حاج سليمان
مدير التوجيه

يعرف الجميع ما للإعلام في لبنان من كبير الأهمية وعمق التأثير وعظيم المسؤولية. لا منّة لأحد عليه في الحرية التي يتمتع بها. لقد كفلها الدستور في أكثر من نص، ورعتها الأعراف في أكثر من موقعة تاريخية، ونصت عليها المواثيق وتغنّى بها البشر على أرض هذه البلاد ورددت التغنّي طيور الفضاء.
وليس من المصادفة أن يستهل العماد جان قهوجي لقاءاته الموسّعة، خارج إطار المهمات العسكرية واللقاءات الداخلية مع الوحدات المنتشرة جنوباً وشمالاً وبقاعاً، بلقاء مع الجسم الإعلامي بهدف التعارف والمحبة والدعوة إلى التعاون في جمع الحقائق وفي إعلانها. لقد سارع حملة أقلام الصحافة
إلى تلبية الدعوة وكانت كلمات من القلب بين القائد الجديد  وبين نقيبي الصحافة والمحررين، كلمات من القلب الذي أحب الوطن ومن الضمير الذي حمل قضاياه وعمل في سبيل التعبير عن حقائقها ومضامينها. هذا قائد خَبِرَ الميدان وعَرف الأخطار وفاض حب الوطن في نفسه، وذاك صاحب قلم آمن بالكلمة الحرة المسؤولة، وعرف صفحات الجرائد وطارد الأخبار في حدائقها، وذلك صاحب وسيلة إعلامية يعيش مع موجات الأثير، صوتاً وصورة ومعلومة ترد من حيث تحبّ، وأخرى تمضي إلى حيث تشاء.
لم يطلب ابن الميدان الترويج لخبر من صياغة بنات الخيال، إنّه يعلم أن الدعاية الجوفاء تضر بمؤسسته ولا تنفعها في شيء، بل طلب الإعراض العفوي عن المعلومة غير الصحيحة، وطلب العودة إلى المصدر المسؤول للتأكد مما قيل أو يقال. ولعلّ القائد قد أضاف في فحوى كلامه تلميحاً لكل لبيبة ولبيب، أن التداول في الأخبار الداخلية للمؤسسة العسكرية غير مستحب في شيء. فلا السبق الصحفي في طياته، ولا الفائدة الإعلامية ولا الديمومة التاريخية، ولا الأنفة ولا الكبر. إننا نوجه هذه الخلاصة للجميع في كل مناسبة، وعبر كل وسيلة، وما طرْحها الآن عبر مجلة "الدفاع الوطني" إلاّ بداعي الاستناد إلى شخصية هذه المجلة الفكرية البحثية التحليلية للتأكيد على أن الحالة الإخبارية حالة عابرة صحيحة كانت أو وهمية، وما أدرانا ما تكون حالتها إن كانت مبنية على الأقاويل والشائعات؟
في كل حال، إنّ المؤسسة العسكرية ستواصل الدفاع عن الوطن بكل مقوماته، والإعلام في طليعة تلك المقومات، وهذا واجب طوعي أبدي. وهي تأمل من إعلام البلاد أن يواصل وقوفه إلى جانب الحقيقة وأن يسعى خلفها حتى وإن طالت المسافة، فليس من البلاغة في شيء أن نسلّم الأمر للخيال والظنون إن دبّ التعب في الأوصال.