عبارة

في البرّ والبحر
إعداد: العميد علي قانصو
مدير التوجيه

وكأنّ الأمن والاستقرار مصطلحان لا يمكن أن يغيبا عن الخطاب العسكري عندنا، ففي مرّة يكونان في البرّ وفي مرّة في البحر. في الأولى لمواجهة الخارجين على القانون المحلّي والدولي، والسّاعين الى زرع الفتنة والشّقاق ونشر الدّمار والخراب، وفي الثانية لمنع التغرير بالمواطنين واقتناص مصاعبهم الحياتيّة، والرمي بهم بين حبائل المكر، والوعود الخيالية، والأساليب غير الشرعية، وذلك في معرض أسفار وهميّة تزيد البؤس بؤسًا، لا بل تحيله تشرّدًا وضياعًا... وصولًا الى الموت.
وكما أنّ واجب المؤسسة العسكريّة تجاه وطنها، لا يحيد عن الاستعداد الدائم لمواجهة الخطر الإسرائيلي في الجنوب، حين تتصدى للإرهاب عند الحدود الشرقية، فإنّ إخلاصها لمواطنيها، ومضيّها بعيدًا في سبر أغوار المياه المالحة لحمايتهم، وتخليصهم من براثن تجّار البشر ومقاولي مراكب الموت، لا ينسيها أبدًا مهماتها الداخلية، وضرورة أن تسهر على حماية المؤسسات، وحتمية أن تدافع عن الناس وتحفظ كرامة العلم الوطني، وتضمن له أن يخفق حرًا عاليًا كنسائم الأرز التي تجاوره، والتي ترافقه في حلّه وترحاله فوق الربوع والأحياء، وفي كلّ مناسبة واحتفال.
لا يمكن للجندي اللبناني أن يرضى بوقوع أخيه المواطن ضحيّة لإرهابيّ مجرم، ولا ألعوبة بين يدي سمسار منافق. صحيح أنّ الأمن لا يستطيع بمفرده أن يبني الاقتصاد، ويغيّر أنماط المعيشة، لكنّه مسلك ضروري إليهما، ولا بدّ للآمال أن تتجدّد في ظلّه، وللهمم أن تقوى في التصدّي للأعباء والمصاعب؛ والمهمات الإنمائية لم تغب في يوم عن الواجبات العسكرية، وإن تكن الدفاعيّة منها والأمنيّة هي التي تتصدر المشهد بالتأكيد.
في أي حال، إنّ التفاصيل لا تحيد بالمؤسسة العسكرية عن الأساسيات الأولى لمهمّاتها، لكنّ تلك التفاصيل لا تأتي من فراغ، وليست جانبيّة ولا إضافية، ففي هذه المؤسسة التي كانت منذ نشأتها ولا تزال، لصيقة بشؤون اللبنانيين الى أبعد الحدود، يستمر خاتم كلمة «فوري» مستخدمًا بكثرة في أوراقها ومستنداتها، لنجدة المواطن عند كلِّ طارئ، سواء أكان ذلك في البرّ أو البحر.