كلمتي

في قانا... وأخواتها
إعداد: العميد الركن صالح حاج سليمان
مدير التوجيه

لا الشعب اللبناني قادر على نسيان المجازر التي اقترفتها إسرائيل في قانا، وفي أكثر من مدينة وبلدة وقرية من أخوات قانا، وفي هذا وفاء طبيعي لدماء الشهداء ودموع الأمهات، ولا الدولة العبرية مستعدة لتغيير المسلكية التي اتبعتها في تلك المحطات البشعة لأنها نشأت عليها، ورأت استمرارها في الوجود من خلالها، وهي بأي حال لا  تستطيع تغيير وجهها العدواني المعروف، ولا العقيدة العنصرية التي درّبت عليها جيشها، ولا المبادئ والتعاليم التي برمجت على أساسها أطفالها منذ النشوء الأول.

وكيف لإسرائيل أن تحيد عمّا تقترفه وهي تضيف إليه في كل يوم عدواناً أو تهديداً أو وعيداً أو تطاولاً على حقوق الغير وكراماته؟
فمِن تجاوز دورية عدوّة للحدّ الدّولي أو للخطّ الأزرق على الأقل، إلى محاولة منع أهل الأرض من العمل في أرضهم، إلى خطف راع، إلى إطلاق الأضواء الكاشفة في تجاوز صارخ لأبسط الحقوق الإنسانية في استقلالية العيش، وخصوصية الحياة، إلى الخروقات الجوية التي لم تتوقف في دقيقة من الدقائق، لا فوق الجنوب، ولا فوق البقاع أو الشمال أو الجبل، ولا فوق العاصمة، إلى ملاحقة إسرائيل مصادر السلاح في العالم حرصاً على عدم وصوله إلى لبنان، وقلقاً من أي إجراء قد يصيب الغطرسة الصهيونية.
في الجهة المقابلة، لا تتلكأ إسرائيل أبداً في محاولاتها الدائمة ذرّ الرماد في عيون الإعلام الدولي، وهي تصوّر نفسها ضحية مهددة مستباحة الحدود. كما أنها تسوّق لكيانها على أنه كيان حضاري يسعى إلى نشر الثقافة وخدمة الجمال، وكأن في أشلاء الأطفال فنوناً، وفي أشكال الشيوخ المشردين تعابير إبداع، وفي تهشيم الحدائق والحقول بشائر وعد وعلامات عطاء.
نعرف أن إسرائيل ترتكب مجزرة هنا ومجزرة هناك، لكنّ مجزرتها الأولى تتمثل في وجودها منذ البداية، وكل ما بعد ذلك إضافات.
إن فوق المدافن شواهد في قانا وفي غيرها، وفي الصدور علامات ودلالات جروح، وفي القلوب آثار ألم لا يمحى ولا يزول.