الواجب خلف الحدود

قائد القطاع الشرقي بدأ يتكلم العربية
إعداد: ريما سليم ضومط - ماري الحصري

مارتينيز:أنا سعيد في لبنان

مهام متنوعة وتبديل دائم
تتولى القوة الإسبانية قيادة القطاع الشرقي الذي يشمل 25 موقعاً لقوات اليونيفيل ويضم القوات الهندية والنيبالية والأندونيسية والماليزية والصينية والبولندية. يحتل القطاع المذكور مساحة 359 كلم2 إضافة الى 58 كلم من الخط الأزرق.
وصلت القوة الإسبانية الى الأراضي اللبنانية في أوائل أيلول 2006 عبر كتيبة من قواتها البحرية إستبدلت بعد حوالى الشهرين بلواء من الفيلق الإسباني، ليستبدل هو أيضاً في 15 آذار 2007 بلواء من المظليين. وفي 13 تموز الماضي تسلّم قيادة القطاع الشرقي اللواء الإسباني المجوقل برئاسة الجنرال جوزيه ماريا بريتو مارتينيز.
يواصل اللواء المذكور مهام القوات الإسبانية السابقة من دوريات نهارية وليلية وعمليات مراقبة للخط الأزرق، إضافة الى المساعدات الإجتماعية والإنسانية داخل القطاع الشرقي.

 

نعمل لتوفير بيئة آمنة
حول هذ الموضوع تحدث قائد القطاع الجنرال مارتينيز، مشيراً الى أن جميع نشاطات القوات الإسبانية مرتبطة بتطبيق القرار 1701، وبناءً عليه تدعم قوات بلاده الجيش اللبناني لتوفير بيئة آمنة ومنع دخول السلاح. أما التنسيق بين الطرفين فيتم عبر ضابط إرتباط ومن خلال العميد الركن بولس مطر والعميد الركن شارل الشيخاني الذي يتحدث اللغة الإسبانية.
يعبّر القائد الإسباني عن تقديره لجهوزية الجيش اللبناني وما يقوم به لحفظ الأمن مؤكداً على العلاقة الممتازة بين الطرفين والتي تتطور باستمرار نحو الأفضل.
أما في ما خص الشق الإنمائي من مهمة القوات الإسبانية، فقد أوضح الجنرال مارتينيز أن قوته تدعم إعادة إعمار جنوب لبنان من خلال مساهمة مهندسيها في عملية البناء والإعمار، عبر مشاريع البناء التي تتولاها اليونيفيل. كما أشار الى أن اللواء الإسباني يسعى الى تحسين النمط المعيشي للمواطنين ضمن قطاع مسؤوليته، ويقوم لهذه الغاية الفريق المسؤول عن العلاقات العسكرية - المدنية (Cimic) بمقابلات مع المخاتير ورؤساء البلديات لمعرفة احتياجات المواطنين. كما يقوم بزيارة المدارس والمعاهد التعليمية للغاية نفسها، فإذا تبيّن أن إحدى المدارس بحاجة الى نظام كمبيوتر مثلاً يتم تزويدها إياه، أو إذا كانت هناك حاجة الى تعليم اللغة الإسبانية تلبّى، علماً أن أكثر من 400 شخص قد تابعوا دورات في اللغة الإسبانية على يد القوات الإسبانية.
وأشار الى أن الحاجات الأكثر تلبية للمواطنين تتعلق بالمساعدات الطبية، موضحاً أن للقوات الإسبانية مركزاً طبياً لخدمة القوات المنتشرة ضمن قطاعها حيث يوجد ما يفوق الأربعة آلاف جندي، إلا أن المركز المذكور يؤمن ايضاً الخدمات الطبية للمواطنين الجنوبيين لا سيما في مجال طب الأسنان.
وأضاف أنه من ضمن الدور الإنمائي والإجتماعي قامت القوة الإسبانية بتوظيف حوالى 300 مواطن جنوبي لأعمال مختلفة داخل المراكز التابعة لها، فساهمت بذلك بإعالة حوالى ثلاثمئة عائلة جنوبية.

 

الإختلاط مع المواطنين له أطر محدودة
عن العلاقة ما بين عناصر القوة الإسبانية والمواطنين الجنوبيين أوضح الجنرال مارتينيز أن الجنود الإسبان لا يحق لهم زيارة المناطق الجنوبية بهدف السياحة أو الترفيه وإنما لديهم الإذن بالدورية فحسب. من هنا فإن الإختلاط اليومي مع المواطنين يبقى محصوراً ضمن اللقاءات القصيرة في المحلات التجارية حيث يتوقف الجنود لشراء سلعة ما.
لكنه أوضح في الوقت نفسه أن القوات الإسبانية تقوم بنشاطات إجتماعية متفرقة يشارك فيها أهالي الجنوب، وذكر منها الحفلات الترفيهية التي تقام في المعسكر الإسباني والتي يدعى اليها الأهالي والأطفال بعد التنسيق مع المختار ورئيس البلدية. وأشار الى أن هذه الحفلات تقام وفق الطريقة الإسبانية ويتخللها الرقص والغناء والطعام الإسباني.

 

بالعربي الفصيح:«أنا سعيد في لبنان»
وفي سؤال عما إذا كان الجنود الإسبان قد تعرّفوا الى العادات اللبنانية، وعن مدى تأقلمهم ضمن بيئة مختلفة، أجاب القائد الإسباني بابتسامة عريضة وباللغة العربية «أنا سعيد في لبنان»، وأضاف، لبنان بلد متوسطي ويتشابه مع إسبانيا في الكثير من عاداته لا سيما لجهة حب التواصل مع الآخرين والتعاطي معهم بودٍ واحترام. وأكد ايضاً أن هناك تشابهاً كبيراً في نوعية الطعام بما في ذلك السلطات المتنوعة وزيت الزيتون والنبيذ الأحمر. وأضاف أن للطعام اللبناني نكهة خاصة مؤكداً باللغة العربية أنه يحب الحمص و«التفولة» (أي التبولة)!
كما تحدث عن مدى تأثره بالحضارة العربية مشيراً الى أنه بدأ تعلم اللغة العربية، الأمر الذي يجده ممتعاً للغاية.

 

مدينة صغيرة
عن معنويات العسكريين في ظل وجودهم بعيداً عن عائلاتهم، أوضح الجنرال مارتينيز أن القاعدة الإسبانية التي تضم ألفاً ومئتي جندي تحوي كل ما يحتاجه الجنود للعيش حياة طبيعية ومريحة وعدم الشعور بالغربة، مشيراً الى أن القاعدة هي بمنزلة مدينة صغيرة تضم نوادٍ رياضية وقاعات الانترنت والتلفزيون والسينما يستطيع من خلالها الجنود ملء أوقات فراغهم بالتسلية والترفيه وعدم الشعور بالملل. والأهم إمكان الإتصال اليومي بعائلاتهم عبر الهاتف والإنترنت، وفي حال وجود مشكلة عائلية لدى أحد الجنود يؤمن له السفر الفوري الى إسبانيا لحل مشكلته.
وأضاف أن قيادة القوات الإسبانية تولي أهمية كبيرة لراحة العسكريين وتسعى لرفع معنوياتهم باستمرار، وقد أوجدت لهذه الغاية خدمة الطب النفسي عبر طبيب متخصص يتولى مساعدة الجنود في التخلص من الضغوط النفسية في حال وجودها.

 

مستمرون على الرغم من الخسارة
حول الآثار السلبية التي خلّفها استشهاد الجنود الإسبان في الجنوب إثر العملية الإرهابية التي استهدفتهم الصيف الماضي، قال: إن الجميع متأثر لخسارة الجنود، ولكن المهام ما زالت تسير وفقاً للجدول المحدد مع اتخاذ تدابير الحيطة اللازمة.
وأضاف أن القوات الدولية والجيش اللبناني يقومان بكل ما في وسعهما للحفاظ على الأمن ولتأمين الاستقرار والسلام في جنوب لبنان.

 

تصوير:راشيل تابت