أيقونة الشهادة

قيادة الجيش تكرّم الشهداء الذين كانوا مختَطفين

بعد نحو أسبوع من إعلان النصر، كان مصير العسكريين المختطفين قد بات محسومًا بنتيجة الفحوصات التي أُجريت لتحديد هوياتهم. وفي احتفال مهيب كرّمت قيادة الجيش في اليرزة الشهداء بحضور رئيس الجمهورية ورئيسا مجلس النواب والحكومة،  قبل أن تنطلق مواكب تشييعهم إلى بلداتهم وقراهم.

كلمات
رئيس الجمهورية الذي أعلن الشهداء العشرة شهداء ساحة الشرف. قال: «ليست الأوطان مستحقّة لنا إذا لم نكن مستعدّين لصونها بالشهادة وكل ما غلا في حياتنا... وجثامين شهدائكم يا أبناء الجيش، هي شهادة للعالم على ما يدفعه لبنان ثمنًا لمواجهاته الطويلة مع الإرهاب على مرّ السنين...».
قائد الجيش العماد جوزاف عون قال في وداع الشهداء:
«نلتقي وإياكم اليوم في هذه المناسبة المؤثّرة والمليئة بالتضحيات الجليلة لأبناء المؤسـسة العسكرية، الذين ومنذ لحظات اختطافهم على أيدي الإرهاب الغاشم، قد أعلنوا إقدامهم للدفاع عن الوطن والاستشهاد في سبيله، فكانوا عنوان معركة «فجر الجرود».
وأضاف مخاطبًا رئيس الجهمورية: «لقد كان لحضوركم شخصيًا مع ساعات الفجر الأولى إلى غرفة عمليات القيادة، بالغ الأثر في رفع معنويات الجيش، حيث تابعتم سير المعركة ميدانيًا وخاطبتم العسكريين ضباطًا وجنودًا أبطالًا في ساحة المعركة، داعمين لهم، واثقين بهم وبانتصارهم على الإرهاب، ومؤكدين للبنانيين وللعالم على الملأ أن وحدة أراضي لبنان يصونها الجيش وشهداؤه، وأن النصر على الإرهاب آتٍ لا محالة. وقد عبّر عن الموقف نفسه دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، الذي ما كلَّ يومًا عن دعم المؤسـسة العسكرية ومؤازرتها في مختلف الظروف، وهو القائل: «الجيش دائمًا على حق». وكذلك، دولة رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد الحريري الذي بدوره زار الأراضي المستعادة وتفقَد جنودنا في الميدان، وقدّم كامل الدّعم لإنجاز المهمّات الموكلة إلينا. وما كان لعملية «فجر الجرود» أن تتحقّق لولا دعمكم جميعًا، ولولا القرار السيادي اللبناني الذي اتخذته الحكومة اللبنانية».
وتوجّه القائد إلى العسكريين الشهداء قائلًا: «فرحتنا بالانتصار على الإرهاب تبقى حزينة، فقد كنا نأمل ونعمل على تحريركم من خطف الإرهاب سالمين، لتعودوا إلى جيشكم وعائلاتكم وتشاركونا هذا الإنجاز التاريخي. إلاّ أنّ يد الإرهاب الوحشي خافت من الإيمان الراسخ بوطنكم، فَأَخْفَتْكُمْ شهداءَ أجلّاءَ تحت تراب الوطن الذي ارتوى من دمائكم الطاهرة. ففي حضرتكم أيها الشهداء يتسابق الخشوع مع الافتخار، وأمام نعوشكم يتوجب الانحناء إجلالًا، لكننا دائمًا وأبدًا سنبقى مرفوعي الرأس بكم وبتضحياتكم، فأنتم وسام يُعَلَّقُ على صدور الضباط والرتباء والأفراد الذين خاضوا «فجر الجرود» لأنكم أول المضحِّين في هذه المعركة».
وخاطب العماد عون أبطال معركة «فجر الجرود» قائـلًا: «باسم لبنان والعسكريين المختطفين ودماء الشهداء الأبرار، وباسم أبطال جيشنا العظيم، أُطلِقَت عملية «فجر الجرود»، وتحققت أهدافها. لقد تسابقتم إلى الميدان بإرادة قتالٍ لا تُقْهَرْ، فكانت حرفيَّتكم وبسالتكم وبطولتكم، وكنتم تلك القوّة التي صنعت الانتصار واستعادت الأرض.
إلاّ أنه وعلى الرغم من أهمية هذا الإنجاز التاريخي، لن ننسى ولن يسهى عن بالنا وجود خلايا الإرهاب السرطانية النائمة، التي قد تسعى إلى الانتقام لهزيمتها وطردها بمختلف الأساليب وفي مقدّمها أسلوب الذئاب المنفردة، وهذا يتطلب منّا البقاء متيقظين وحاضرين للتصدي لها وللقضاء عليها».
وتوجّه القائد إلى عائلات الشهداء، فقال: «إن أبناءكم الشهداء شركاء أساسيون في صنع الانتصار والفخر، إنهم أيقونة التحرير ودحر الإرهاب. والفخر أنهم سكنوا قلوب اللبنانيين جميعًا، فبتـضحيــاتهـــــم خضنا «فجر الجرود»، وتوحّد اللبنانيون حول الجيش وقدسية مهمته، فكانت معركة شريفة ونظيفة وبطولية، نبراسها تضحيات أبنائكم الشهداء. سنوات الانتظار والأمل بعودة أبنائكم، كانت ثقيلة وقاسية عليكم، لكنكم لم تفقدوا لحظة ثقتكم بالمؤسـسة العسكرية، وإيمانكم بالوطن الذي تهون في سبيله أغلى التضحيات».
وتوجّه إلى الحضور بالقول: «على الرغم من هذا الانتصار، لا تزال أمامنا تضحيات كبرى لا تقلّ أهمية عن دحرنا للإرهاب، فالجيش سينتشر من الآن وصاعدًا على امتداد الحدود الشرقية للدفاع عنها. ويجب أن لا ننسى الإرهاب الأساسي والأهم الذي يتربَّص بحدود جنوبنا العزيز، ألا وهو العدوّ الإسرائيلي، إذ علينا الدفاع عن هذا التراب الغالي وحمايته، حيث لا يمكن أن نكون حرّاس حدود للعدوّْ الغاصب، ترفدنا في ذلك عزيمة لا تلين ولا تضعف، مدعومة من أركان الدولة، وفي مقدّمهم فخامة رئيس البلاد، ومدعومة أيضًا من الشعب اللبناني الذي ما كلَّ يومًا عن ممارسة حقه في مقاومة الإحتلال الإسرائيلي، والالتفاف حول الجيش ودعمه. وفي هذا الإطار نؤكّد التزامنا التام القرار 1701 وجميع مندرجاته، والتعاون الأقصى مع القوات الدولية للحفاظ على استقرار الحدود الجنوبية».
ومن على منبر الشهادة والانتصار، أكّد «أن ردّ الجيش مستقبلًا سيكون هو نفسه على كل من يحاول العبث بالأمن والتطاول على السيادة الوطنية أو التعرّض للسلّم الأهلي وإرادة العيش المشترك. والجيش سيكون على مسافة واحدة من مختلف الأطياف والفرقاء وفي جميع الاستحقاقات الدستورية، وسيكون في أعلى درجات الجهوزية للدفاع عن وطننا الغالي...».
وختم متوجّهًا إلى أهالي الشهداء بالقول: «أخلص مشاعر التعزية والمواساة لكم والتضامن معكم أيها الأهل الأعزاء، وثقوا بأنّ حجم تعاطفنا معكم واعتزازنا بكم، هو بحجم صبركم وتضحيات أبنائكم، فأنتم قدوة أهل هذه الأرض، وأبناؤكم عظماء مؤسسة الشرف والتضحية والوفاء».

 

نهنّئكم مجددًا
في اليوم التالي، استقبل رئيس الجمهورية قائد الجيش وقادة عملية «فجر الجرود»، وجدّد التهنئة بالانتصار، متمنيًا على الضباط الحاضرين أن ينقلوا تهنئته إلى مرؤوسيهم.