حروب معاصرة

كيف نهزم العدو تكنولوجياً

يمثّل الإرهاب أخطر التحديات التي تواجهها المجتمعات المعاصرة، ولا تبدو أيّ دولة أو ساحة بمنأى عن مخاطره.
لم يعد مفهوم الحرب على الإرهاب يقتصر على مفهوم القتال الكلاسيكي الذي يعتمد على استخدام الأسلحة والذخائر والأعتدة والمعدّات وغيرها، بل أصبحت التكنولوجيا الرقمية، أداةً أخرى من أدوات الحرب، وباتت تشكّل مجال قتال جديدًا، يضاف إلى المجالات البحريّة والجويّة والبريّة والفضائية، لتصبح شبكة الإنترنت بمنزلة ساحة معركة حقيقية، يتمّ استخدامها من قبل الجميع.


حرب الإنترنت
أثار مصطلح حرب الإنترنت، الكثير من التساؤلات، حول الهدف من هذه الحرب ومن عسكرة الفضاء الإلكتروني، وهل أنَّ مظاهر الهجمات الإلكترونية تستحق بالفعل هذه التسمية؟ وهل هناك من ضرورة لصوغ ميثاق لحرب الإنترنت أشبه بميثاق جنيف؟ وكيف سيتم تعقب المهاجمين من القراصنة الإلكترونيين الذين لا يمثلون دولة ما أو ينتمون إليها؟ وما إلى ذلك من التساؤلات المهمّة.
لقد اكتسب الإرهاب حاليًا، عناصر قوة إضافية وفّرتها له تقنيات العولمة، ومكّنته من التحوّل إلى ظاهرة كونية. وهذا الأمر، دفع الحكومات إلى اتباع طرق وأساليب أكثر تطورًا لفهم الأبعاد المختلفة لهذه الظاهرة، التي تهدّد الأمن القومي والسيادة الوطنية للدول وتسعى إلى بثّ الكراهية بين مجتمعاتها.

 

المواجهة الرقمية
لا شكّ في أنّ واقع استخدام الإرهاب شبكة الانترنت، قد فرض تغيير طرق التفكير والوسائل والأساليب المتبعة في خطّة المواجهة الرقمية ضدّ التنظيمات الإرهابية، بحيث تركّز عمل الأجهزة الأمنية الحكومية، دوليًا وإقليميًا ومحليًا، على مراقبة القدرات الإلكترونية والرقمية للإرهاب، خصوصًا نشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي، ومواجهته عبر حملات وعمليات نفسية مضادّة، ومن خلال إجراءات وتقنيات رقمية، تمنع إعلام هذا الإرهاب من الوصول إلى المجتمعات والأفراد والتأثير فيهم من جهة، وتعمل على تحصين عقول المواطنين وتوعيتهم وإعدادهم لمواجهة دائمة وحتمية ضدّ هذا الخطر من جهة أخرى. ويضاف إلى ذلك، زيادة عدد المتخصّصين الذين يعملون في هذا الإطار، ورفع مستوى التنسيق مع مؤسسات وشركات الإنترنت في مجال الأمن الرقمي.

 

الفضاء الإلكتروني
قد تؤدي الحرب الإلكترونية، إلى أضرار استراتيجية بعيدة المدى، تشكّل تهديدًا قويًا للدول التي تعتمد التكنولوجيا، كأساس في مختلف أنماط قطاعاتها العامة والخاصة. ومع عدم وجود إجماع حول ما إذا كان ضغط الحكومات على شركات الإنترنت، لوقف حسابات المتطرفين على مواقع التواصل الاجتماعي، وتقليل وصولهم إلى الفضاء الإلكتروني، سيؤدي إلى المساعدة في التخفيف من حدّة التطرف أو إعاقته، فإنّ هذه الحكومات تتخوّف في الوقت نفسه، من أن تؤدي هذه الإجراءات إلى إعاقة الجهود الرامية إلى جمع المعلومات الاستخباراتية حول التنظيمات الإرهابية وأفرادها.

 

رصد ومتابعة
أخيرًا، إذا كان للدول الكبرى، التي تمتلك امكانات هائلة في الرصد والمتابعة، والانتقال إلى العمليات المباشرة الفورية قدرة كبيرة في مجال مكافحة الإرهاب، فإنّ الدول الأقل قدرة على المستوى التقني، وهي الغالبية في العالم اليوم، وكذلك الدول الأكثر فقرًا، ستكون على رأس قائمة ضحايا الإرهاب، نظرًا إلى احتمال تمكّن الإرهابيين من تشكيل حواضن لهم فيها. فهم يستفيدون من عوامل اقتصادية واجتماعية متعددة، مع أفضلية عمل بلا خوف من التعقّب، خصوصًا إذا كان العمل من خارج بلدانهم. من هنا، يجب تضافر جهود جميع دول العالم، لوضع خطة مواجهة كاملة وشاملة، مع الأخذ بالاعتبار أوضاع الدول الضعيفة والفقيرة، لدعمها وتعزيز قدراتها في هذا المجال.