عبارة

لنمنع الحرائق
إعداد: العميد علي قانصو
مدير التوجيه

نسمع ونرى، ومن ثم نلمس الكثير من السخونة بسبب ما يرتفع حولنا من حرائق. إنّه عصر النار، عصر يذكّرنا بالعصور القديمة التي رافقت الإنسان الأوّل، لا بل سبقته، حين كانت عناصر الطبيعة تتوالى متقاسمة السيطرة على كرة الأرض، فكان الحجر وكان الماء وكان الحديد... وكانت النار. إلاّ أنّ الإنسان القديم كان يستخدم هذه النار لخدمة حياته اليومية، أمّا الإنسان المعاصر فها هو يستخدم ما يتوافر منها، وهو كثير وهائل، لإحراق الدنيا، وتحويل إنجازات الأجيال، أجياله هو، إلى رمادٍ ودخان.

صحيحٌ أن في مكوّنات النار والعوامل المحيطة بها، ما يساعد في انتشارها يمينًا ويسارًا، وتمدّدها عرضًا وطولًا، إلاّ أنّ مؤسستنا العسكرية تقف بالمرصاد لها، دائمة الجهوزية للإطفاء والإنقاذ.

يأخذ النقاش السياسي مداه في بلادنا ويحتدم صراع المطالب، إلاّ أنّ في الذاكرة الجماعية لأبناء الوطن، صورًا وأخبارًا كافية عن أخطار التهوّر والمغامرات، وفي اليقين أيضًا أن الحرائق لو امتدّت إلينا من جديد، لأصابت الجميع، وفعلت فعلها في كلِّ ناحية. فلطالما أكّدت القيادة وفي أكثر من مناسبة، أنّ العودة إلى الماضي ممنوعة، وأنّ من شهد الدمار الذي سبّبته الأحداث  الداخلية والتدخّلات الخارجية، لا بدّ أن يشرح ذلك للأجيال الجديدة، منعًا للوقوع في التجربة المشؤومة تلك، وإنقاذًا لما بقي من جمال الوطن، وحفاظًا على كلّ بناءٍ أو إنجازٍ حصل. وفي مقابل النصح والإرشاد، ها هي يد الجندي على الزناد، وعينه على التلال والمرتفعات، وانتباهه موجّه إلى كلّ منعطف ومفترق، يوقف المشبوهين، ويضبط المخلّين، ويضرب المتآمرين. ليس لمكان أن يشغله عن مكان آخر، وليس لمهمّة أن تمنع جهده من التوجّه إلى مهمّة أخرى.
إننا حين نكون حذرين من حريق كبير قد ينال من مجتمعنا، لا نهمل أبدًا مخالفةً هنا أو تجاوزًا هناك، أو أيّ حريق صغير، قد يقف خلفه مروّجو الفتنة من أعداء عيشنا المشترك وحضارتنا الضاربة جذورًا في التاريخ، فالحريق الصغير قد يتسبّب في حريق كبير، والأخير ما هو إلاّ مجموعة حرائق صغيرة، والنّار هي النّار في كلّ حال وآن.