سلامتكم تهمنا

ما هي الإستراتيجية المعتمدة للحدّ من الحوادث المرورية؟
إعداد: الدكتور الياس ميشال الشويري
رئيس الجمعية اللبنانية للسلامة العامة (LAPS) عضو مجلس إدارة منظمة السلامة العالمية وممثل المنظمة لدى الأمم المتحدة

آثار الحوادث المرورية ما زالت تتعاظم وتهدّد مستقبل شبابنا وإقتصاد بلدنا نظراً الى الإرتباط الوثيق بين قدرات الشباب وإمكاناتهم وبين مساهمتهم في تحسين مستوى العيش اللائق، وتالياً التطور في الإقتصاد الوطني، هذا بالإضافة إلى الخسائر البشرية والمادية التي تترتّب على هذه الحوادث والتي تنعكس سلباً على مصير الوطن ككل.
إنطلاقاً مما تقدّم، نرى أنه لا بد من تضافر الجهود والعمل الحثيث لإيجاد الحلول الناجعة لهذه المأساة المتجدّدة يومياً على طرقاتنا. هذا مع العلم أن وضع خطة إستراتيجية متكاملة في مجال السلامة المرورية يتطلّب من دون شك الإستعانة بأصحاب الخبرة وفي مجالات متعددة، باعتبار أن هذا الأمر قد وصل إلى حد خطير ما يستدعي تسخير جميع الإمكانات اللازمة لإنقاذ المواطنين من براثن هذا الفخ المميت.
وفي هذا المجال، نعتبر أنه من الضروري - حالياً - التركيز على بعض المسائل علّها تساهم في تخفيف حدة هذه الأزمة التي إستفحلت بشكل مرعب في الآونة الأخيرة.

 

على المدى القصير
• تحديد النقاط السوداء بشكل دقيق في جميع المناطق اللبنانية.
• القيام بجميع التصليحات اللازمة وبالسرعة المطلوبة لا سيما في ما خص: الحفر - الإنارة على الطرقات وداخل الأنفاق - الحواجز الحديدية التي تلفت بسبب الحوادث - إعادة تثبيت الألوان والخطوط على الطرقات - وضع إشارات ضوئية جديدة في الأماكن اللازمة وكذلك الحال بالنسبة الى المرايا الكبيرة على الطرقات.
• القيام بحملة واسعة لتنظيف «الأرصفة» ومنع الوقوف عليها تحت طائلة فرض العقوبات، أي العمل على إعادة إحياء دورها المخصص للمشاة.
• تثبيت الألوان المخصصة للمشاة على الطرقات ومنع السيارات من الوقوف عليها، خلال انتظار الإشارات الضوئية.
• وضع حل نهائي لمسألة «الشاحنات» خصوصاً من حيث:
- توقيت سيرها على الطرقات.
- الحمولة الزائدة، لأن غالبية الشاحنات لا تتقيّد مطلقاً بالوزن المحدد وهذا ما يؤدي عند حصول حوادث الى التسبّب بحالات وفاة بشكل كبير نتيجة عدم القدرة على السيطرة على الشاحنة. هذا فضلاً عما تسبّبه هذه الشاحنات من أضرار في الطرقات لجهة زيادة عدد الحُفر وعمقها وحجمها ما يؤدي بدوره الى حصول العديد من الحوادث المرورية.
• تشديد الرقابة على الباصات الصغيرة (الفانات) لجهة:
- حزام الأمان.
- مطفأة الحريق.
- عدد الركاب المسموح به.
- الصيانة اللازمة.
- التقيّد بمبادئ السلامة على الطرقات.
• تشديد الرقابة على الدراجات النارية ومدى تقيّد سائقيها بمبادئ السلامة.
• بالإضافة الى ما تقدّم، هناك مسألة نعتبرها غاية في الأهمية وهي المسافة الآمنة أو المثلى بين السيارات كونها لا تلقى الإهتمام اللازم ولا يتم التركيز عليها، علماً أنه وضع حد نهائي لها يخفف من نسبة الحوادث وعدد الضحايا بشكل كبير.
لهذا يجب تكثيف دوريات قوى الأمن الداخلي بشكلٍ منتظم على الطرقات للتوجيه والإرشاد من جهة وضبط المخالفات من جهة أخرى.

 

على المدى المتوسط
• العمل على تعديل القوانين المتعلّقة بالسير لا سيما لجهة:
- قيمة الغرامات.
- إعتماد نظام النقاط.
- إمكان تخصيص بعض مبالغ الغرامات للقيام بنشاطات تهم جيل الشباب أو مساعدة ضحايا الحوادث وإخضاعهم لدورات تأهيل مناسبة (خصوصاً ذوي الإصابات الخطيرة أو البالغة كالإعاقة الدائمة - فقدان البصر أو ما شابه...).

 

على المدى الطويل
• العمل على اعتماد قانون السير في المناهج التربوية الإلزامية.
• إعتماد الإمتحان النظري والعملي لطالبي رخصة القيادة.
• تطوير نظام النقاط لجهة تحديد «العقوبة» حسب عدد النقاط الموجودة على بطاقة السائق.
الغاية من هذه العقوبات «إيلام» المخالف وردعه على أمل الحفاظ على «حياته» وحياة الآخرين في أثناء القيادة.
جميع هذه النقاط تستدعي وضع دراسة شاملة ومعمّقة في حال تم تبنّيها أو نيّة السير بها، مع التأكيد على أننا سنكون دوماً على أهبة الإستعداد للمساعدة في هذا المضمار، لا سيما أننا دأبنا ومنذ سنوات طوال على القيام بكل ما في وسعنا للحد من الحوادث المرورية وتوجيه أبناء هذا الوطن لما فيه مصلحتهم في أثناء القيادة.
ويبقى من الواجب علينا، في الختام، أن نؤكد ونصرّ على ضرورة حسن اختيار أفراد قوى الأمن الداخلي المولجين تطبيق قانون السير على الطرقات، نظراً الى الأهمية البالغة لهذا الأمر، فشرطي السير يجب أن يتمتّع بصفات مميزة على أكثر من صعيد، الكفاءة والمصداقية والجرأة المطعّمة بحُسن الخُلق والثقة بالنفس، والقدرة على استيعاب حركة المرور وإنفعالات المواطنين وردات فعلهم وتالياً إستنباط التصرف السليم في الوقت المناسب... وغيرها الكثير من الميزات التي تحرص غالبية الدول على إدراجها ضمن المؤهلات اللازمة لدى اختيار أفراد قوى الأمن الداخلي خصوصاً هؤلاء الذين يتعايشون مع الناس على الطرقات.