متاحف في بلادي

متحف العلوم الطبيعية في الجامعة اللبنانية
إعداد: جان دارك أبي ياغي

أداة بحثية تتيح معرفة التنوع البيولوجي

زواحف وحشرات ومتحجرات تعكس صورة العالم الحي المحيط بنا

يساهم متحف العلوم الطبيعية في كلية العلوم - 2 - (الفنار) في الجامعة اللبنانية، بمجموعاته المختلفة والمتعددة، بالنشاطات الأكاديمية التي يقوم بها قسم العلوم الطبيعية منذ سنوات، بهدف دراسة التنوّع البيولوجي في لبنان، وهو بذلك يشكّل أداة بحثية ثقافية علمية لكثير من الدارسين والباحثين.
جولة في أرجاء المتحف تلقي الضوء.


30 سنة من العمل المتواصل

تكاد دراسة التنوّع البيئي لا تحصل بدون إنشاء مجموعات علمية تعكس حقيقة البيئة التي تحيطنا. لهذا السبب، أخذ الأساتذة الباحثون في الجامعة اللبنانية - كلية العلوم - الفرع الثاني (الفنار) على عاتقهم خلال سنوات طويلة، جمع وحفظ وتصنيف عيّنات لبنانية متنوّعة من حشرات وفقريات (زواحف، برمائيات) وأحجار ومستحثات ومتحجرات وكل ما له علاقة بعلوم الأرض. هذه المجموعات والعينات التي كانت محفوظة لا يصل اليها الا الباحثين المختصين، باتت معروضة في متحف الكلية.

في العام 2001 تشكّلت نواة متحف العلوم الطبيعية في كلية العلوم - الفرع الثاني الذي أتى وليد جهدٍ استمر 30 عاماً، ويعود الفضل في ذلك الى الأساتذة الباحثين في الكلية وهم: ريمون جيز ونجلا زيدان جيز وهاني عبد النور وسعاد هراوي بلوكي وداني عازار. قبل أن يصبح المتحف ما هو عليه اليوم بعد افتتاحه الرسمي في أيار 2004، كان مختبراً لعلم الحشرات، وكان جزءاً من مشروع أبحاث تموله السفارة البريطانية في بيروت، هدفه دراسة التنوّع البيولوجي للحشرات في حرج إهدن بالتعاون مع خبراء بريطانيين من متحف كارديف في ويلز. وعرض المختبر آنذاك فصائل عدة من الحشرات في صناديق صممت خصيصاً للمعرض وغلفت بالزجاج، مع شروح متعلقة بنظامها وطريقة تجمّعها وصولاً الى تحديد الفصيلة، وكان هدف عرض الحشرات تعريف الطلاب بهذا العالم وإثارة اهتمامهم وربما إحداث وظائف جديدة في هذا الحقل نظراً الى النقص في عدد علماء الحشرات في لبنان.
وبعد عام من الدراسة في حرج إهدن، تمّ التوصل الى أن 40 في المئة من فصائل الحشرات في لبنان موجودة فيه، بالإضافة الى اكتشاف فصائل جديدة يجري درسها ووصفها.

وفي تلك المرحلة، وبعد إبحاثٍ ومراقبة لبعض المحاصيل والأشجار في منطقة جبيل، تبين وجود حشرة جديدة تهاجم شجرة الأرز التي تنمو على ارتفاع 500 متر. وعثر على حشرة الزيتون التي تعيش بأعداد كبيرة على بعض أشجار الأرز، كما عثر على حشرة جديدة من جنوب شرق آسيا تفتك بأشجار الحمضيات. وقد أتاحت هذه الدراسة المسحية للحشرات الموجودة في حرج إهدن تحديد الحشرات وتصنيفها ومراقبة تأثير التغيرات المناخية على حياتها ووضع الحلول لمكافحة المؤذي منها، كما أتاحت تأسيس قاعدة بيانات لفصائلها.


متحجرات وأدوات وفراشات

اليوم، وبعد تكثيف الجهود، توسعت المجموعات لتشمل الأحجار والمتحجرات وكل ما له علاقة بعلوم الأرض من حشرات وزواحف وبرمائيات وعنبر وأدوات حجرية استخدمها الإنسان قبل مليوني عام، وهي الأقدم في منطقة الشرق الأوسط. يتضمن المتحف ثلاثة أقسام هي: الحشرات، علوم الأرض، والزواحف.

في قسم الحشرات، يوجد 10,000 نموذج. تتكوّن هذه المجموعة من 2000 صنف، وقد تمّ تعريف أو تسمية 1000 منها. وهي بالتالي تشكّل مرجعاً علمياً للباحثين والطلاب.
وما يلفت الداخل الى المتحف، مجموعة الفراشات وهي الأكبر والأجمل. تتضمن المجموعة الكاملة من الفراشات:
- 20% فراشات Lépidoptera
- 5% حشرة Orthoptera
- 50% حشرة Coleoptera
- 10% Hemeroptera و Homoptera

قسم من هذه المجموعة معروض للزوّار والقسم الأكبر موضّب في جوارير مع فهرس بالعناوين والمصادر. في قسم علوم الأرض، خزائن مبوبة بحسب المواضيع (متحجرات، بترول، متفرقات، وحقبة ما قبل التاريخ)، وخزائن عرض حول الحقبات الجيولوجية والترسبات والمتحجرات المكتشفة في لبنان، وملصقات عن جيولوجيا لبنانية، وعنبر لبنان، والمتحجرات الموجودة فقط في لبنان.


الزواحف

أما مجموعة الزواحف فتقسم الى: سلاحف، سحالي وحيات (سامة وغير سامة Couleuvres) وقد جمعت من مختلف المناطق اللبنانية. السلاحف الموجودة مائية (نوع واحد) وبحرية (نوعين). أما السحالي فيوجد منها 30 نوعاً في لبنان وتعيش في مناطق مختلفة: في الرمل، في الأحراج، بين الصخور وفي الغابات.

أما الأفاعي فتقسم الى سامة وغير سامة. الأفاعي السامة ثلاثة أنواع: نوعان يكبران (1,30 سنتمتراً)، وتعيش الأفاعي المنتمية الى هذه الفئة على الشاطئ، أي يمكن أن نجدها في بيروت وجونيه وعلى علو 1600م. أما النوع الثالث فيعيش على علو 1800م وما فوق ولا يكبر حجمه أكثر من 50 سنتم.
الأفاعي غير السامة يوجد منها 25 نوعاً في لبنان، وهي تعيش بين الصخور، وفي الخارج، وثمة نوع واحد يعيش في الماء.

تبقى البرمائيات وهي ستة أنواع، أربعة منها غير المذنبات (كالضفادع) ونوعان من المذنبات كالسمندل (Salamandre) و Triton.


وقفة مع الباحثين

في حديث مع أساتذة الكلية، لفت الدكتور هاني عبد النور الى الفرق بين «اقتناء المجموعات وإقامة متحف، فليس كل من لديه مجموعة في إمكانه إقامة متحف». وعن أهمية المتحف الحالي قال: «هو أداة بحثية علمية ثقافية الى جانب كونه معرضاً يزوره تلامذة المدارس وطلاب الجامعات».

وتقول الدكتورة نجلا زيدان جيز المسؤولة عن المتحف: «فكرة المتحف قديمة تعود الى الرئيس الأسبق للجامعة الدكتور جورج طعمه، وكنا بدأنا بإقامة متحف صغير في كلية العلوم في الحدث دشنه وزير التربية آنذاك الرئيس الأسبق رينيه معوض، وكانت لدينا مجموعات لا بأس بها لكنها تبعثرت وسرقت خلال الحرب»، مشيرة الى أن السفارة البريطانية دعمت المشروع وقد «زودتنا الخزانات المخصصة لحفظ المجموعات (وهي مكلفة)»، منوهة أيضاً بلفتة رئيس الجامعة «الذي عندما علم بالمشروع ولمس جهودنا وعملنا الصامت، خصّ المتحف بموازنة».

وقال الدكتور ريمون جيز، أستاذ في الكلية وفي كلية الآداب - فرع الآثار: «لا يمكن لأي باحث دراسة التنوّع البيولوجي الا من خلال تكوين المجموعات التي تشكّل عينات لواقع حال العالم الحي الذي يحوط بنا. وهذا ما دفعنا منذ عشرين عاماً الى البحث عن عينات لبنانية مختلفة من زواحف ومتحجرات وغيرها لتصنيفها واقتنائها وعرضها». ولفتت الدكتورة جيز الى أهمية الشروح الموجودة الى جانب المعروضات: «هنا تكمن قيمة أي متحف، في لوائح الأسماء والمصادر والتواريخ، التي بدونها يصبح المتحف مجرد مكان للعرض».


تصويب

ابتكارات متطورة للزميلة ريما سليم ضومط
موضوع «ابتكارات متطورة لحياة اكثر سهولة وامتاعاً» الذي نشر في العدد 248 (شباط 2006) كان من اعداد الزميلة ريما سليم ضومط، لكن خطأ جعل اسم الزميلة جان دارك ابي ياغي يحلّ محل اسم كاتبة الموضوع، ما اقتضى الاعتذار والتنويه.

تصوير:
المجند جوزيف أنطي