يداً بيد

مختبر تحليل المشي والحركة في السيسوبيل الأول من نوعه في المنطقة وخدماته للجميع
إعداد: باسكال معوض بو مارون

«حافظنا على «روح العيلة» على مدى الأيام فكل منا يقدّم ما يستطيعه في هذه السلة. واهتمامنا الأولي هو الناحية الإنسانية والروحية لأطفال المؤسسة وشبابها». هكذا بدأت السيدة فاديا صافي حديثها عن مؤسسة السيسوبيل واضافت: «هدفنا متابعة حياة الأطفال المصابين بإعاقة منذ الولادة والسماح
 لهم بعيش حياة كريمة ليصبحوا بدورهم شهوداً يحملون رسالة للآخرين.
وبالفعل فقد اختبرت مؤسستنا وعلى مر 30 سنة، النتائج الإيجابية لمقاربتها الفريدة ومنافعها على الأطفال وعائلاتهم. فنحن نؤمن أن حياة كل فرد مهمة، مهما كانت إعاقته قاسية، ويجب أن نعيشها كأنها احتفال لأن الحب أقوى من كل شيء».


المؤسسة تستقبل 450 طفلاً كل سنة
«الخدمة الإجتماعية لسلامة الطفولة في لبنان - سيسوبيل، مؤسسة إجتماعية لا تبغي الربح المادي، أسستها إيڤون الشامي العام 1976، وهي تعنى بالأطفال المصابين بإعاقة وبعائلاتهم.
تستقبل المؤسسة سنوياً حوالى 450 طفلاً مصابين بإعاقة عقلية أو جسدية أو بأمراض التوحّد، وتؤمن لهم الخدمات الطبية والتأهيلية والتربوية والإجتماعية ضمن مقاربة شاملة لحاجاتهم كافة. وتتم رعايتهم بغض النظر عن انتماءات عائلاتهم العرقية والسياسية والدينية والإجتماعية.
إضافة الى ذلك تعمل الجمعية لتأهيل وبناء كيان إنساني متين ومتوازن يعتمد على نفسه أولاً ويعيش بفرح مع محيطه؛ وقد استطاعت في هذا الإطار تأمين المعالجة الإنشغالية حيث يعمل اليوم في مشاغل سيسوبيل المختلفة عدد كبير من الأولاد كل بحسب ميوله وقدرته الجسدية والعقلية. فمنهم من يعمل في صناعة الشوكولا أو في الكافيتيريا، وثمة من يعملون في الخياطة والتحضير للطباعة والزراعة وغيرها من المجالات.

 

مصادر التمويل متعددة والجيش أحدها
• كيف يتم تأمين مصادر لتمويل مؤسسة خيرية بهذا الحجم؟

توضح السيدة صافي:
في الماضي كان التمويل الأساسي يأتي من فرنسا حيث تهتم مؤسسات بمساعدتنا على تأمين حاجات أطفالنا صغاراً وكباراً. أما اليوم فإضافة الى هؤلاء بدأت وزارة الشؤون الإجتماعية بالمساهمة بالتمويل، كذلك المؤسسة العسكرية التي لم تألُ جهداً لمساعدة «السيسوبيل» على تأمين حاجات الأطفال وجزء من ميزانيتنا السنوية. والجدير بالذكر أن مؤسسة الجيش وبموجب عقد وقّع بيننا أمّنت لأفرادها حق الاستفادة من خدمات مختبر تحليل المشي والحركة في مؤسستنا.
كما يقدّم لنا الكثير من الأطباء والصيادلة مساعداتهم العينية من إستشارات مجانية وأدوية بسعر الكلفة.
إضافة الى مصادر التمويل هذه فإن بعض الأهالي والعائلات الميسورة يساعد في دعم مؤسستنا كل على قدر استطاعته. بدورنا أمّنا مصادر تمويل ذاتية كصناعة الشوكولا والمونة اللبنانية، والبياضات المنزلية وبطاقات المعايدة والمعارض الحرفية خلال فترة الأعياد، وعائدات تشغيل مختبر تحليل المشي والحركة والنشاطات المنظمة سنوياً.
وقد أطلقنا برامج التبنّي والتي لا تكلّف أكثر من 10 آلاف ليرة لبنانية شهرياً ويمكن لكل راغب بالمساعدة أن يقدّمها لنا فيتكفّل بمصاريف الطفل اليومية لدينا. مع العلم أن هنالك أشخاصاً يتكفّلون بالمصاريف الطبية للأطفال والتي قد تبلغ سنوياً الثلاثة ملايين ليرة لبنانية.

 

مختبر المشي والحركة
أحدث المشاريع في السيسوبيل مختبر تحليل المشي والحركة. وهو الأول من نوعه في لبنان والمنطقة، أنشأته المؤسسة العام 2005 حرصاً منها على تقديم أفضل الخدمات التأهيلية، ورغبة منها في تأمين وسائل دعم جديدة تساهم في تطوير قدراتها المتخصصة في عالم الإعاقة والمجالين الطبي والتأهيلي. ويخدم هذا المختبر كل طفل أو بالغ يعاني اضطرابات في المشي أو الحركة في لبنان والدول المجاورة، لأن تقنياته العالية فريدة من نوعها في المنطقة، والنتائج التي يقدمها تشكّل قفزة نوعية في العناية الطبية والمتابعة المتخصصة.
يشكّل عدم وجود دراسات تقيس الخلل في المشي وفي حركة جسم الإنسان عائقاً أمام وصف علاجات هادفة وملائمة، لذا يساعد «مختبر تحليل المشي والحركة في وضع تشخيص مفصّل لحركة المفاصل وقياسها على المستوى الأفقي والمستوى الجبهي (Frontal) والمستوى السهمي (sagittal)، مما يساهم في تحديد العلاج الأنسب لحالة المريض».
وللإستفادة من هذا المختبر ينبغي أن يكون المريض قادراً على المشي بشكل مستقل أو بواسطة أجهزة مساعدة كما يمكن لأي شخص إجراء الفحوصات في هذا المختبر شرط الحصول على وصفة طبية وبعد حجز موعد مسبق.
ويعتبر «مختبر تحليل المشي والحركة» متطوراً جداً لأنه يعتمد على الأشعة ما تحت الحمراء وعلى تقنيات معلوماتية متطورة من أجل إجراء تحليل شامل لحركة جسم الإنسان وتحديد المشاكل والصعاب كما وتوجيه سبل العلاج والتأهيل.
من الداخل يشبه المختبر غرفة التمارين الرياضية مع فارق يمثله وجود الدمى والألعاب التي وضعت لإلهاء الأطفال الذين قد يشعرون ببعض التوتر خلال إجراء الفحوصات. ورُكّزت في سقف المختبر كاميرات مراقبة تلتقط صوراً من مختلف الزوايا للمساعدة على التحليل بالأبعاد الثلاثية لأي شخص يعاني خللاً في جهاز الحركة أو المشي نتيجة مرض في جهازه العصبي أو العظمي.

 

المستفيدون
تتم الإستعانة بمختبر تحليل المشي والحركة في حالات مرضية كثيرة منها: الإصابات المركزية أو المحيطية في الجهاز العصبي مثل: الشلل الدماغي ومرض السيساء المشقوقة (Spina Bilida)، داء بركنسون، متلازمة غلان باريه، مرض تصلّب الصفيحات (Sclérose  en Plaque)، اعتلالات في محورات الأعصاب (Neuropathie axionale Périphérique)، عدم التساوي في طول الأطراف السفلى أو إصابتها بالتواءات، إصابات رضحية في العظم، العضل أو في الأربطة، خصوصاً لدى الرياضيين.
كذلك يقدّم المختبر خدماته لتقييم استعمال الأجهزة البديلة في حالة البتر وفي حال وجود تشوّهات في الجهاز العظمي مثل التواء العمود الفقري (Scoliose)، وتشوّهات الأرجل.
والجدير بالذكر أن هذا الفحص لا يبث أية إشعاعات كما أنه لا يستدعي الوخز أو الحقن، والأهم أنه لا يسبّب أي ألم.

 

طريقة العلاج
بداية يقوم المعالج الفيزيائي المختص في المختبر بإجراء فحص سريري للمريض لدراسة العضل والمفاصل، ثم يلصق في أماكن محددة من الجسم علامات كروية (محسسات الضوء) وأسلاكاً خاصة بوحدة قياس نشاط العضلات، ويطلب من المريض المشي في صالة مجهّزة بكاميرات لاقطة/مرسلة للأشعة ما تحت الحمراء، وهي تلتقي خلال الحركة مسار محسسات الضوء الملصقة على جسم المريض. بعدها يتم تسجيل حركة المشي على عدة مراحل ونشاط العضل بواسطة وحدة القياس الخاصة به, فيسجّل الجهد الذي يقوم به المريض خلال المشي على بلاطة حساسة للقوى، بينما تقوم برامج إلكترونية بإجراء التحاليل التي يتم تقييمها ودراستها من قبل: طبيب جهاز العظم والطبيب المتخصص بتكنولوجيا الطب وميكانيك جسم الإنسان والمعالج الفيزيائي.
وعند انتهاء الفحص كاملاً تتم مقارنة نتائج الفحوصات مع قاعدة معلومات لفحوصات أجريت على أشخاص أصحاء ينتمون الى فئة العمر نفسها. ويتم وضع تقرير طبي واضح ومبسّط يتضمّن عرضاً للخلل الذي تمّ تحديده وتحليلاً للعوامل المسبّبة له ، والناجمة عنه.
والجدير بالذكر أن هذا الفحص يعتمد منذ الثمانينيات وأظهر فعالية في التشخيص لدى عدد كبير من المرضى، وأصبح حاجة لكل طبيب معالج أو جرّاح إذ يساعد على تحديد وتوجيه العلاج الملائم لحالة كل مريض.