طبابتنا

مزيد من التخصص والدقة والرعاية
إعداد: باسكال معوّض بومارون

النجاح والتقدّم والتميّز سمات طبابتنا العسكرية الرائدة في مجال الرعاية الصحية بشهادة الجميع. وها هي اليوم تضيف إلى سجل خدماتها المتطورة استحداث وظيفة صيدلي سريري في الكادر الطبي الخاص بالمستشفى العسكري المركزي. فالرؤية البعيدة المدى للطبابة العسكرية تتمثّل في التحوّل إلى مزيد من التخصص داخل جميع أقسامها، مع استهداف الدقة في خطط العلاج ونتائج رعاية وسلامة أفضل للمرضى، وبالتالي تعزيز الطب القائم على النوعيةة(quality based medicine) .

من هو الصيدلي السريري؟ وما القيمة المضافة التي تنتج عن وجوده في المستشفى؟ وكيف يعمل مع باقي أفراد الطاقم الطبي؟ الدكتورة المتخصصة في الصيدلة السريرية في المستشفى العسكري المركزي رشا الحاج شحاده تجيب عن هذه الأسئلة وسواها، وتشرح أهمية دور الصيدلي السريري في تقديم خدمات رعاية صحية عالية الجودة، وفي ضمان الاستخدام الآمن والفعّال للأدوية للمرضى، بما في ذلك استخدام البدائل المناسبة حين لا يكون الدواء الأساسي متوافرًا.

 

إدارة العلاج الدوائي

الصيدلي السريري هو صيدلي حاصل على درجة الماجستير في الصيدلة السريرية أو درجة دكتوراه في الصيدلة (pharm D) وهو يخضع لتدريباتٍ إضافية متخصصة في المستشفيات والعيادات ومرافق الرعاية الصحية لضمان إدارة العلاج الدوائي الذي يركّز على حالة كل مريض بالتعاون مع مقدمي الرعاية الصحية. ويتركّز عمله على محورَين، فهو من جهة، ينسق مع الفريق الطبي من أطباء وممرضات وأخصائيي التغذية والعلاج الطبيعي بهدف اعتماد العلاج الأفضل، ومن جهة ثانية، يتابع مع المرضى ما يتعلق بتطور حالتهم الطبية وكيفية تفاعلهم مع الأدوية الموصوفة لهم. 

يتكامل دور الصيادلة السريريين داخل المستشفى مع أدوار باقي عناصر الطاقم الطبي، ومن نتائجه خفض تكلفة العلاج الدوائي في أثناء إقامة المريض في المستشفى، واختيار العلاج الأمثل في المدة الأنسب، مع المشاركة في خطط تحسين الجودة لضمان علاج دوائي آمن وفعال. ويُضاف إلى ما سبق ذكره، المساعدة في تنسيق البحوث السريرية وتقارير الحالة (case reports) وهو مصدر للمعلومات حول الأدوية والتجارب أيضًا، ما يؤدي إلى تحسين الرعاية الصحية وتطويرها. 

 

هكذا نعمل معًا

يشكّل الصيدلي السريري حلقة الوصل بين المتخصصين في الرعاية الصحية، ويحرص على التعامل مع المرضى القادمين من خلفيات متعددة لتوفير بيئة إيجابية وتحقيق أفضل النتائج.

وتؤكد الدكتورة الحاج شحاده أهمية التنسيق بين الطبيب والصيدلي السريري على صعيد تعزيز ثقة المرضى وشعورهم بالأمان حيال الخدمات الطبية التي يتلقّونها. وتوضح أنّه في حين يضع الطبيب خطة علاجية، يقوم الصيدلي السريري بتفصيلها ويضمن سلامة تطبيقها. وهما ينسّقان من خلال تقييم حالة المريض الصحية وتحديدها، والتشاور لإيجاد الأدوية الأنسب بما يتفق مع خطة العلاج، ومراقبة مدى تجاوبه معه. وهذه العلاقة التكاملية بينهما تعزز رعاية المرضى وضمان الجودة. 

أما في ما خص التعاون مع الممرضة المسؤولة فهو يتجلى في وضع سياسات وإجراءات خاصة بضمان تحسين جودة العلاج الدوائي وفعاليته، مع تقليل الآثار الجانبية الناتجة عن سوء إدارته، أو عن التفاعلات الدوائية بشكلٍ عام. في هذا السياق يتم الحرص على فحص الجرعة المناسبة وتركيب الأدوية الموصوفة، عن طريق حساب وقياس وخلط كميات الأدوية والمكونات الأخرى المطلوبة.

أما بالنسبة إلى التعاون مع صيدلي المستشفى، فتوضح الدكتورة الحاج شحادة أنّ هذا التعاون يشمل التأكد من حُسن تخزين جميع الأدوية الاحتياط في وحدات المستشفى كافة، وترشيد صرفها وإدارتها وفق المعايير الدولية، والمساعدة في مراقبتها وفحصها دوريًا، خصوصًا تلك الخاضعة منها للرقابة، مثلًا المهدئات والمخدرات وبعض المضادات الحيوية، مع اقتراح علاجات دوائية بديلة للمرضى الداخليين بحسب الأدوية المتوافرة في صيدلية المستشفى.

إلى ذلك، يقدّم الصيدلي السريري المشورة للمرضى داخل المستشفى حول حالتهم الطبية، ويناقش معهم أدويتهم وآثارها الجانبية، مقيمًا معهم علاقة ثقة من خلال استمرارية الرعاية وضمان السرية والخصوصية مع إرشادهم إلى الامتثال للعلاج بعد الخروج من المستشفى، سواءً في ما يتعلّق بقائمة الأدوية والتقيّد بمواعيد تناولها، أو بنمط الحياة الأنسب لشفائهم أو بالتعايش مع حالتهم.

 

المهارات

يهتم الصيدلي السريري بالعديد من المهمات الأساسية في وقت واحد تقول الدكتورة الحاج شحادة، وأهمها التنظيم والجدولة، وتعد مهاراته التحليلية الأساس لوضع خطة العلاج، بعد ربط جميع المعلومات بدءًا من تاريخ المريض وحالته الطبية الحالية وتحليلها، وصولًا إلى النظر في البدائل، لا سيما أنّ الوضع الطبي في لبنان صعب.

لذلك ينبغي أن يتحلّى الصيدلي السريري أيضًا بالدقة والاهتمام بكل التفاصيل سواء في النتائج المخبرية للمريض أو في أدويته وكميتها والتأكد من وصفها على النحو الأمثل.

وعلى الصعيد الشخصي، يجب أن يتحلى باللباقة والكياسة وحسن التعامل مع الفريق الطبي والمرضى لتعزيز دوره الفعال الذي سبق ذكره، وكسب ثقة الجميع.

يعد دمج الصيدلي السريري داخل المستشفى العسكري خطوة مهمة نحو تحسين رفاهية المرضى في المستشفى، وكذلك نحو تقليل المخاطر المتعلقة بالأخطاء الدوائية. وهذا دليل دامغ على العمل الجدير بالثناء للقيادة العسكرية للاستجابة للمعايير الدولية وتطبيقها حتى في أصعب المواقف والظروف.

 

الصيدلة السريرية والتشريعات اللبنانية

اقترحت نقابة الصيادلة في لبنان قانونًا يعنى بالصيدلة السريرية وينص على إلزامية اعتمادها في جميع المستشفيات اللبنانية وأن يكون عدد الصيادلة السريريين في المستشفى وفق عدد الأسرة فيها، والقانون حاليًا قيد المناقشة في اللجان النيابية.