رحيل

نهى الخطيب سعادة: قنديل آخر ينطفئ
إعداد: تريز منصور

تنطفئ قناديل الزمن الجميل واحدًا تلو الآخر، نهى الخطيب سعادة وجه غاب الشهر الماضي، قنديل آخر نضب فيه الزيت، لكنّ وهج ماضيه ما برح متألقًا...


ولدت نهى الخطيب سعادة في الخامس من آذار العام 1944 في بلدة شحيم الشوفية. تلقّت علومها في مدرسة الليسيه، ونالت شهادة الفلسفة في العام 1961، ثــم التحقــت بالجامعــة اليسوعية لاستكمــال دراستهــا في الأدب العربــي.
حلمت بالتمثيل منذ يناعة أظفارها وكانت تهوى مشاهدة الأفلام السينمائية، وشاركت في أداء عدة أدوار على مسرح مدرسة الليسيه.
كانت الممثلة نهى الخطيب من السبّاقين إلى عالم التلفزيون، إذ التحقت في سن الثامنة عشرة بـ»القناة 11» في تلفزيون لبنان، يومها (1962) كانت القناة حديثة العهد. نجحت كمذيعة ربــط كمــا في تقديــم البرامــج الحواريــة المنوّعــة والفنّيــة، وتفوّقــت كممثلــة في أداء الأدوار الصعبة. كانت تجربتها الأولــى مــع ظريــف لبنــان نجيــب حنكــش. فعلــى الرغــم مــن جديّتهــا وطابــع الوقــار الــذي وســم شخصيتهــا، شاركت حنكش ببراعة في تقديم برامج حوارية منوّعة، امتزجت فيها المواضيع الفنية والثقافية، المنوّعات الراقصة والأغاني، وبالأجواء الضاحكة التي يفرضها حضور حنكش، فشكّلا معًا ثنائيًا محببًا إلى قلوب المشاهديــن.

 

إيقونة الشاشة
باكورة أعمالها التلفزيونية مسلسل «النغم الحائر» إلى جانب إحسان صادق (أواخر 1962)، ومن ثم «الخديعة» (1970) إلى جانب الممثل الراحل محمود سعيد. وبعدها اشتركت ببطولة عدة مسلسلات أهمها: «الجوال» (1973)، «النهر» (1974)، «غرباء» (1980)، و»لمن تغني الطيور» (1981)...

 

تألّقت في أكثر من مجال
شكّلت مع زوجها المخرج الكبير إيلي سعادة ثنائيًا فنّيًا محببًا، وكانت معظم أعمالها الدرامية من إخراجه. علّمها أصول الوقوف أمام الكاميرا حينما وجد فيها خامة مطواعة، ثم أخذها من التقديم إلى التمثيل، فتألّقت في المجالين.
لعبت نهى الخطيب سعادة أدوار البطولة إلى جانب مداميك الفنّ اللبناني، وأحبّ العمل إلى جانبها كلّ من وقف أمامها، ولكنّها أبدت عدة مرات ارتياحها بالتمثيل إلى جانب الممثل القدير أنطوان كرباج.
أتقنت سعادة فنّ القراءة والحفظ السريع، ويقال إنّها كانت تحفظ جميع أدوار زملائها وحواراتهم، وتعمل على تصحيح اللغة، كما امتلكت قدرة فائقة على إطراب المشاهدين بصوتها المسكون بالمحبة والبعد الإنساني.
رحلت نهى الخطيب سعادة في 12 كانون الأول 2018، عن عمر يناهز الـ74 عامًا بعد صراع طويل مع المرض، ليغيب برحيلها واحد من أحبّ الوجوه التي أضاءت الشاشة الفضية بموهبتها ورقيّها سنوات طويلة.