الواجب خلف الحدود

الكتيبة الفرنسية ترحب بكم إنما بعد التفتيش الدقيق

مشرفون مراقبون وتدخل سريع
عند المدخل، بوابة حديدية كبيرة وحراسة مشدّدة حيث يتم التفتيش والتأكد من هوية الزائرين. هنا في تبنين الجنوبية، تتمركز الوحدة الفرنسية التابعة للقوات الدولية العاملة في الجنوب.
حضرت الكتيبة الفرنسية الى الجنوب تطبيقاً للقرار 1701، وفي هذا الإطار يشرح العقيد ايمانويل غولين (Colonel Emmanuel Gaulin) قائد الكتيبة مهامها بعد أن يحدد قطاع انتشارها.
يقول:
«تنتشر كتيبتنا في القطاع الممتد على الحدود الإسرائيلية من دير كفاح - بنت جبيل وتبنين على عمق 25 كلم وعرض 12 كلم.
مهمتنا الأساسية هي مراقبة المنطقة من خلال دوريات في النهار وفي الليل لمنع وجود أي مسلحين غير الجيش اللبناني والقوات الدولية في القطاع. بالإضافة الى مشاريع أخرى في المنطقة كتحسين البنى التحتية ومستوى التعليم في المدارس ومتابعة إتمام الأعمال التي لم تنجز بعد على الأصعدة كافة بتمويل من الحكومة الفرنسية عبر السفارة الفرنسية في لبنان لدعم الإمكانات اللبنانية. كذلك يهتم جنودنا بتفكيك الألغام...».
وفي لمحة عن العمل اليومي الذي يقوم به عناصر الكتيبة الفرنسية في الجنوب، يذكر قائد الكتيبة تفصيلياً أن الأهم هو مراقبة الحدود، لذلك تسيّر دوريات داخل المنطقة وعلى المحاور الأخرى في المناطق المجاورة للمراقبة بمعدل دورية كل 4 ساعات أي ما يعادل 30 دورية يومياً.
ينفّذ هذه المهام حوالى 1300 عنصر يتوزعون بين مشرفين، مراقبين وعناصر تدخل سريع في حال المخالفات (Quick Reaction Force QRF) بالإضافة الى مئتي عنصر مهمتهم مدنية أكثر مما هي عسكرية.
تملك الـQRF أي عناصر التدخل السريع، أسلحة ثقيلة من مدافع وصواريخ وأنظمة ضبط ومراقبة متطورة أو ما يعرف بـCobra System Detection. ميزات هؤلاء العناصر أنهم تحت إمرة القائد الأعلى لقوات الطوارئ الدولية المعززة الجنرال غراتزيانو الذي يحدد كيفية استخدام هذه الوسائل.

المهام لا تنفّذ بمعزل عن الجيش اللبناني
تنظم تدريبات مشتركة بين عناصر الجيش اللبناني وعناصر الكتيبة الفرنسية ترتكز على إقامة الدوريات والمراقبة والرماية. كما يشترك بعض العناصر اللبنانيين يومياً في الدوريات الآلية والراجلة التي تنفذها الكتيبة الفرنسية مستفيدة من آلياتها المتطورة. كذلك تعقد اجتماعات بشكل دوري لتحقيق أفضل النتائج وتبادل الآراء حول سير العمليات وتنفيذ المهام.
أما بالنسبة الى التواصل مع المجتمع اللبناني فقد أوضح غولين أن «وجود بعض الأشخاص الذين يتقنون اللغة العربية يسهّل هذا التواصل وبالتالي يعرّف الكتيبة الفرنسية على حاجات المجتمع اللبناني ويتيح إمكان تبادل الآراء». ويضيف: «يتم هذا التواصل عبر القائممقاميات والمخاتير ومدراء المدارس والآباء والشيوخ... وذلك بغية تفعيل الجهود لنتائج أفضل». ويبدو أن أهالي المنطقة يتفهّمون المهام التي تقوم بها الكتيبة الفرنسية ويولونها أهمية، لإيمانهم بأنها تتمحور حول تأمين حياة أفضل لهم، عبر تلبية متطلبات أساسية».
ويختم غولين بالقول: «عناصر الكتيبة هم في جهوزية دائمة لإتمام أي مهمة طارئة، لذلك لا خوف ولا تشنج إذ أن التدريب يتواصل لتأمين معايير الحماية والتصدي لأي جديد».

الإعلام والتواصل
يهتم النقيب فريديريك ڤارييه (Capitaine Frédéric Vareilles) بكل ما يتعلق بالناحية الإعلامية والتواصلية لدى الكتيبة وتساعده في ذلك الملازم ليتيسيا كوغيا (Lieutnant Létitia Poulet coggia). عن هذه المهمة يوضح النقيب أنهم يتولون تفسير مهام الكتيبة وطريقة عملها لوسائل الإعلام كافة. ومن الناحية التفصيلية، هناك نوعان من التواصل كما تشرح زميلته، «فعناصر الكتيبة المعنيون بشؤون التواصل والإعلام يضعون أنفسهم بتصرف الصحافيين لتعريفهم على طبيعة عمل الوحدة الفرنسية كي ينصرفوا بدورهم لإيصالها الى الرأي العام. ومن ناحية أخرى، تتم دعوة الصحافة لتغطية الأحداث والنشاطات والجولات الرياضية التي تنظمها الكتيبة في قطاع مسؤوليتها». ويتابع: «نعمل كفريق على توطيد أسس التواصل لدى الجنود».

المهمات المدنية - العسكرية
في الكتيبة الفرنسية فريق يُعنى بالمهمات المدنية - العسكرية (Actions Civilo - Militaires) أو ما يعرف في الكتائب الأخرى بالـ«CIMIC Civilian and Military Corporation». ويشرح المعاون الأول فيليب غوفيل (Adjudant Chef Philippe Guevel) أحد المسؤولين في هذا الفريق أن الـCIMIC «تعمل بالتعاون المباشر مع فعاليات السلطة المدنية في قطاع مسؤوليتها في محاولة لتوسيع إطار العلاقات للوصول الى الأشخاص الذين يهتمون بالمؤسسات والمنظمات الإجتماعية المختلفة كالتي تهتم بالمرأة مثلاً أو الرياضة... كما يقدم هذا الفريق مساعدات طبية شاملة لأهالي المنطقة ضمن مشاريع صغيرة تسمى (Aides Médicales à la Population - AMP) بحيث يتوزع فريق طبي في سبعة مواقع مختلفة في المناطق التي تفتقد الى الخدمات الطبية. ولقد استفاد حتى الآن أكثر من أربعة آلاف مواطن لبناني من الفحوصات والاستشارات الطبية.

مشاريع مختلفة
خلال فترة وجودها في جنوب لبنان، حققت الكتيبة مشاريع عمل مختلفة على الأصعدة كافة. نذكر منها مثلاً: المشروع الذي أسهمت في تمويله الحكومة الفرنسية لتأمين العدة اللازمة لتربية النحل في منطقة مارون الراس. كذلك جهز الفريق غرفة معلوماتية في مدرسة رسمية في منطقة برج قلويه عبر مدّها بعشرة أجهزة كومبيوتر مع مستلزماتها...

متابعة وفخر
يتبدل عناصر الكتيبة بشكل دوري فيتم تسليم خطط عمل المشاريع المستقبلية للفريق الجديد لمتابعتها.
بالإنتقال الى الناحية الشخصية لعناصر الكتيبة، يتفق الجميع على أن التأقلم مع المجتمع اللبناني ليس صعباً لما يجدونه لدى اللبنانيين من ضيافة وود وتقدير. بالاضافة الى إتقان الشعب اللبناني بأغلبيته وبخاصة الفئات الشابة، اللغة الفرنسية، ما يسهّل عملية التواصل، وعدم الشعور بالعزلة أو الغربة عن موطنهم وعائلاتهم... إضافة الى ما تقدمه تقنية الإنترنت من تقريب للمسافات وسهولة الإتصال.
يفتخر عناصر الكتيبة جميعاً بقدومهم الى لبنان لحفظ الأمن فيه، آملين إنهاء هذه المهمة فيكون ذلك مؤشراً لاستتباب الأمن واستقرار الوضع في لبنان وخصوصاً في جنوبه.
وتبقى الإشارة الى أن هذه المهمة هي مهمة تتطلب التعاون خصوصاً مع الجيش اللبناني من أجل إحلال السلام والحفاظ عليه.

تصوير: المعاون هاني قازان