الواجب خلف الحدود

وصلت الى لبنان منذ آذار 2006
إعداد: ندين البلعة - ماري الحصري

الكتيبة الصينية: مهام إنسانية وخدمات وودّ متبادل مع السكان

 

تقديم المساعدات ونزع الألغام
بالـ«مرحبا» استقبلنا عناصر من الكتيبة الصينية، لكن معرفتهم باللغة العربية كانت «لحد هون وبس». لذلك كان ضرورياً وجود المترجمة سابين جعيتاني التي واكبت جولتنا برفقة النقيب لي (Li)...
 رئيس أركان الكتيبة الصينية المقدم يانغ غو بينغ (Yang Guo Ping) شرح لنا بالتفصيل أهداف وجود كتيبتهم في جنوب لبنان والمهام الأساسية التي تتولاها، فقال:
«جئنا الى لبنان في آذار 2006 في مهمتين أساسيتين وهما تقديم المساعدات الإنسانية ونزع الألغام لإعادة الإعمار. حُددت منطقة مسؤوليتنا (Area of Operation AO) بالبقعة الموجودة جنوب نهر الليطاني. خلال حرب تموز 2006 أسندت الينا مهام إضافية فكنا نفتح الطرقات أمام المدنيين. وقد قمنا بسحب الجثث من بين الركام بالإضافة الى إيصال الماء والغذاء للمدنيين».
وتابع المقدم يانغ شارحاً مهام الكتيبة الصينية في جنوب لبنان حالياً، فحدّدها على الشكل الآتي:
«لدينا فريق نزع ألغام (Demining Company) وهو الفريق الوحيد التابع لقوات اليونيفيل المسموح له دخول حقول الألغام خلافاً لفرق أخرى من اليونيفيل تعمل في نزع الألغام. يقوم هذا الفريق بنزع الألغام والقنابل العنقودية غير المنفجرة على طول الخط الأزرق وتمشيط مناطق مسؤولية الكتيبة في الحنية وزبقين وسواهما.
بعد تنظيف الأرض من الألغام يقوم فريق هندسي آخر برسم الحدود، هذا بالإضافة الى بعض العناصر الذين يساعدون في أعمال البناء في المركز الأساسي لقوات اليونيفيل في الناقورة».
وحول الدور الإجتماعي الإنساني الذي تلعبه الكتيبة الصينية في جنوب لبنان قال: «إن اتصالنا مع السكان المحليين اللبنانيين يقتصر على الناحية الطبية بالإضافة الى إمكان دخول الأراضي الخاصة لنزع الألغام. كما ندعو فعاليات المنطقة من مخاتير ورؤساء بلديات للتشاور حول حاجات أهل المنطقة وكيفية مساعدتهم». إذاً خلافاً لباقي الوحدات العاملة في الجنوب، فإن الكتيبة الصينية لا تقوم بنشاطات على صعيد المدنيين، ثقافية كانت أم رياضية أو غيرها... وإنما تشارك في بعض الأعمال البسيطة كنقل البحص ومساعدة السكان في إعادة الإعمار.

 

اللغة عائق استطعنا تخطيه
وهنا كان السؤال عن الصعوبات التي يواجهها الجنود الصينيون خلال تنفيذ مهامهم في جنوب لبنان، فسارع المقدم يانغ بالإجابة: «لقد كانت اللغة هي العائق الأول للتواصل مع السكان ولكن مع وجود مترجمين لبنانيين استطعنا تخطيها. بالإضافة الى أن العادات والتقاليد ونمط المعيشة في لبنان تشكل صعوبة في التأقلم خصوصاً مع التنوع الطائفي الذي لم نعتده ويفرض جهوداً للتعايش مع هذا الواقع».
ويضيف: «لكن اللبنانيين مضيافون ونشعر بقربهم الإنساني منّا وتقبلهم لمهامنا وحضورنا في ما بينهم. فنحن نبذل قصارى جهدنا لتحقيق حاجاتهم وتأمين الخدمات التي يحتاجونها». ثم يتابع: «إن ما يميز مهمتنا في لبنان عن باقي المهام في الدول الأخرى مثل الكونغو وغيرها من المناطق الإفريقية، أن لبنان وطن مسالم بينما في تلك البلاد تتأجج الصراعات الداخلية القوية. بالإضافة الى أن البيئة في لبنان مختلفة ومناسبة على عكس المناطق الأخرى».

 

لا نشاط عسكري
أما على صعيد التعاون مع الجيش اللبناني فيوضح المقدم يانغ أن لا نشاطات عسكرية أو تدريبات مشتركة فالكتيبة الصينية غير موكلة بالدوريات أو الأعمال العسكرية البحتة. ولكن الإتصال يتم مع ضباط الإرتباط للحصول على كل المعلومات اللازمة وخصوصاً عن الوضع الأمني. «هم لطيفون جداً ومستعدون دائماً لمساعدتنا كل مرة نتصل بهم».
وتمنى المقدم يانغ أخيراً أن تدوم الصداقة بين الصين ولبنان وأن ينعم اللبنانيون بالسلام وحياة أفضل.

 

الفريق الطبي
رئيس المستشفى الرائد سونغ يونغ مينغ (Song Yong Ming) فصّل دور الفريق الطبي في الكتيبة الصينية قائلاً: «يتولى فريقنا الطبي أولاً دعم الكتيبة والإعتناء بعناصرها وثانياً دعم فرق نزع الألغام ومرافقتهم في مهامهم. كما ندير مستوصفين واحد في منطقة الحنية وآخر في زبقين حيث يداوم فريقنا الطبي لتقديم المساعدات الطبية للمدنيين. لا نواجه عادة أمراضاً خطيرة بل كلها إصابات طفيفة من حروق وآلام بسيطة».
والملفت أن الأدوية الصينية تلقى رواجاً لدى اللبنانيين فيلاحظ الرائد سونغ إقبالاً كبيراً من قبل المدنيين الذين صاروا يتصلون بالكتيبة لطلب المساعدات الطبية. ويضيف: «يتميز فريقنا الطبي بالأدوية الصينية التقليدية الفعالة التي يطلبها السكان المحليون باستمرار ونحضرها نحن من بلادنا. وفي المقابل يتمتع اللبنانيون بلياقة وأخلاق عالية فلا يترددون بمساعدتنا وتقديم الأطعمة والمشروبات لنا حيثما وُجدنا».
الرقيب الأول كوانغ هوا يونغ (Kuang Hua Yong) ينتمي الى فريق الدعم في الكتيبة الصينية، يشرح دور هذا الفريق قائلاً: «فريقنا مهمته صيانة الآليات والمعدات، بالإضافة الى تطوير نظام دعم مائي والإهتمام بالنقليات». وعلى الرغم من البقاء عادة داخل المركز، لا يخفى على عناصر هذا الفريق، كما يوضح الرقيب الأول، لطف اللبنانيين وتعاونهم: «هم يتعلمون بعضاً من تعابيرنا الصينية ويحبون مساعدتنا».  

 

مهمة مقدسة
لا يستطيع الجنود وعناصر الكتيبة الصينية أن يخفوا اشتياقهم لعائلاتهم على الرغم من وسائل الإتصال المتوافرة التي يستخدمونها من هاتف وانترنت ورسائل مكتوبة. فهم يتبدلون كل ثمانية أشهر ما يعتبر مدة طويلة نسبياً. يلهون أنفسهم بالنشاطات الرياضية والقراءة ومشاهدة التلفزيون... ولكنهم بالنهاية مقتنعون أنهم لا يعملون لبلادهم فحسب بل إيضاً لإعادة الإستقرار للبنانيين. «نحن هنا في مهمة حفظ سلام وأمن لذا فنحن مهيؤون أصلاً للتأقلم، وننظر الى هذه المهمة كمهمة مقدسة وفعالة»... متمنين ختاماً مستقبلاً أفضل للشعب اللبناني معتبرين أنهم يأتون الى لبنان كسواح وليس كجنود.
وختاماً، إشارة الى ما يلي:
• ساعد الفريق الطبي منذ 4 أيلول 2007 وحتى اليوم حوالى 1400 شخص مدني.
• منذ قدوم الكتيبة الصينية الى لبنان تم نزع:
- حوالى 100 لغم.
- حوالى 600 قنبلة عنقودية وقذائف غير منفجرة.

تصوير: راشيل تابت