من الميدان

وفاءً لدماء الشهداء ودموع أهاليهم...

 

أمران أساسيان يحكمان مسار ملاحقة الجيش لعصابات الجريمة المنظمة، يقضي الأول بتجنب حصول أي أذى في صفوف المدنيين حتى وإن استخدم المجرمون عائلاتهم كدروع حماية ليفلتوا من قبضة الملاحقة. أما الثاني فيقضي باستمرار الملاحقة إلى أن يتم سوق المجرمين إلى العدالة لينالوا جزاء أعمالهم، خصوصًا عندما تقترن جرائمهم بجرم الاعتداء على الجيش والتسبب باستشهاد أبطاله.

بين واقعة استشهاد المعاون أول حسن خليل شريف والرّقيبين بول أنطوان الجردي، وجورج فيليب أبو شعيا في ١٦ شباط الماضي، وتوجيه الضربة القاضية إلى عصابة المجرم زين العابدين المصري في ١٤ حزيران، فترة ٤ أشهر لم تتوقف في نهاراتها ولياليها التحريات وعمليات الرصد والتعقب والمتابعة. هنا ليس الوقت والجهد هما ما يُحسب له الحساب الكبير، فما يضعه العسكريون نصب أعينهم في هذه العملية وما يشبهها هو تحقيق العدالة لردع المجرمين وحماية المجتمع من شرورهم. هم يقسمون على ذلك بدماء رفاقهم الشهداء ودموع أهاليهم الغالية، ولطالما كانوا أوفياء لقسمهم... 

هكذا سقط سابقًا العشرات من المجرمين في قبضة الجيش الذي لم يتعب من رصدهم وملاحقتهم، وهكذا سيسقط الآخرون، وسيظل الجيش وفيًا لشهدائه يأبى أن تُهدَر دماؤهم تحت أي ظرف، وسيظل وفيًا لواجبه في الحفاظ على وطنه وأمن مجتمعه، مهما كلّفه ذلك من الدماء الغالية.
في ١٤ حزيران المنصرم، قضى المطلوب زين العابدين نايف المصري متأثرًا بجروح خطيرة بعد إصابته خلال عملية دهمه واشتباكه مع قوة من مديرية المخابرات في بلدة حورتعلا.
المصري من أبرز المطلوبين في تجارة المخدرات وأعمال السلب والسرقة وإرهاب المواطنين، وهو متورط في مقتل ٤ عسكريين بينهم ثلاثة عناصر من مديرية المخابرات خلال العملية الأمنية التي نُفذت في شباط الفائت في بلدة حورتعلا لتوقيفه، علمًا أنّ استشهاد العسكريين الثلاثة (المعاون شريف والرقيبين الجردي وأبو شعيا) خلال الاشتباك مع المطلوب، كان نتيجة حرصهم على عدم إيذاء المدنيين الذين احتمى بهم.
إن الجيش الذي يضع نصب عينيه واجبه الوطني يهدف إلى حماية المجتمع وسيادة الاستقرار، والأهم فرض هيبة الدولة التي استضعفها الكثيرون، والتي من دونها يعمّ الخراب، ولذلك لن يتوقف عن ملاحقة عصابات الجريمة المنظمة وسوق المتورطين فيها إلى العدالة.